التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١
عمر أن يقيم عليه الحد فقال " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد حين لم يعلم تحريمها. فقال أمير المؤمنين (ع) أديروه على الصحابة، فإن لم يسمع أحدا منهم قرأ عليه آية التحريم، فادرؤا عنه، وإن كان قد سمع فاستتيبوه، وأقيموا عليه الحد، فإن لم يتب وجب عليه القتل.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (97) آية واحدة بلا خلاف.
هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين وقسم منه أنه يبلوهم بشئ من الصيد، لان اللام في قوله: " ليبونكم " لام القسم والواو مفتوحة لالتقاء الساكنين في قول بعضهم مثل (واو) اغزون. وأما واو " ليبونكم " قال سيبويه هي مبنية على الفتح. وقال الزجاج: فتحت واو " ليبلونكم " لأنها حرف الاعراب الذي تتعاقب عليه الحركات وضمت واو " لتبلون " لأنها واو الجمع، فصح لالتقاء الساكنين نحو قوله " فلا تخشوا الناس واخشوني " (1) ومعنى " ليبلونكم " ليختبرن طاعتكم من معصيتكم " بشئ من الصيد " وأصله اظهار باطن الحال ومنه البلاء للنعمة لأنه يظهر به باطن حال المنعم عليه في الشكر، والكفر. والبلاء النقمة، لأنه يظهر به ما يوجبه كفر النعمة. والبلى الخلوقة لظهور تقادم العهد فيه.
وقوله " بشئ من الصيد " قيل في معنى (من) ثلاثة أوجه:
أحدها - صيد البر، دون البحر. والاخر صيد الاحرام دون الاحلال.

(1) سورة 5 المائدة آية 47.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست