التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٦
والأصل في الباب التغطية من قول أهل اللغة خمرت الاناء إذا غطيته، ومنه دخل في خمار الناس إذا خفي فيما بينهم بسترهم له والخمير العجين الذي يغطى حتى يختمر، وخمار المرأة، لأنها تغطي رأسها به. وخامره الحزن إذا خالطه منتشرا في قلبه واستخمرت فلانا أي استعبدته. والأصل فيه أمرته أن يتخذ الخمر، ثم كثر حتى جرى في كل شئ يأمر به. وعلى هذا الاشتقاق يجب أن يسمى النبيذ وكل مسكر على اختلاف أنواعه خمرا، لاشتراكها في المعنى وان يجري عليها أجمع جميع أحكام الخمر.
و " الميسر " القمار كله مأخوذ من تيسير أمر الجزور بالاجتماع على القمار فيه والذي يدخل فيه ييسر والذي لا يدخل فيه برم. قال أبو جعفر (ع) ويدخل فيه الشطرنج والنرد وغير ذلك حتى اللعب بالجوز. والأصل فيه اليسر خلاف العسر وسميت اليد اليسرى تفاؤلا بتيسير العمل بها. وقيل:
بل لأنها تعين اليمنى فيكون العمل أيسر، وذهب يسرة خلاف يمنة.
" والأنصاب " الأصنام واحدها نصب. وقيل لها أنصاب، لأنها كانت تنصب للعبادة وأصله الانتصاب: القيام، نصب ينصب نصبا. ومنه النصب التعب عن العمل الذي ينتصب له، ونصاب السكين، لأنها تنصب فيه، ومناصبة العدو: الانتصاب لعداوته قال الأعشى:
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه * ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا (1) و " الأزلام " القداح، وهي سهام كانوا يجيلونها ويجعلون عليها علامات (إفعل، ولا تفعل ونحو ذلك على ما يخرج من ذلك في سفر أو إقامة أو غير ذلك من الأمور المهمة، وكانوا يجيلونها للقمار، واحدها زلم، وزلم.
وقال الأصمعي: كان الجزور يقسمونه على ثمانية وعشرين جزءا. وقال أبو عمرو: كان عددها على عشرة. وقال أبو عبيدة: لا علم لي بمقدار عدتها، وقد ذكرت أسماؤها مفصلا، وهي عشرة: ذوات الحظوظ منها سبعة

(1) ديوانه 46 وروايته (الأوثان) بدل (الشيطان).
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست