التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٢
عليه، ثم قال: عاقدتموه الايمان فحذف الراجع. ويجوز أن يجعل (ما) مع الفعل بمنزلة المصدر فيمن قرأ عقدتم بالتخفيف والتشديد، فلا يقتضي راجعا كما لا يقتضيه في قوله " ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " (1).
وقيل في سبب نزول هذه الآية قولان:
أحدهما - قال ابن عباس: إن القوم لما حرموا الطيبات من المآكل والمناكح والملابس حلفوا على ذلك فنزلت الآية.
وقال ابن زيد نزلت في عبد الله بن رواحة كان عنده ضيف فأخرت زوجته عشاه فحلف لا يأكل من الطعام، وحلفت المرأة لا تأكل إن لم يأكل، وحلف الضيف لا يأكل ان لم يأكلا، فأكل عبد الله بن رواحة وأكلا معه، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال له: أحسنت. ونزلت هذه الآية. واللغو في اللغة هو ما لا يعتد به قال الشاعر:
أو مائة تجعل أولادها * لغوا وعرض المائة الجلمد (2) أي الذي يعارضها في قوة الجلمد يعني بالمائة نوقا أي لا يعتد به بأولادها. ولغو اليمين هو الحلف على وجه الغلط من غير قصد مثل قول القائل: لا والله وبلى والله على سبق اللسان، هذا هو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وهو قول أبي علي الجبائي. وقال الحسن وأبو مالك:
هو اليمين على ما يرى صاحبها أنه على ما حلف ولا كفارة في يمين اللغو عند أكثر المفسرين والفقهاء. وروي عن إبراهيم أن فيها الكفارة بخلاف عنه.
بين الله تعالى بهذه الآية أنه لا يؤاخذ على لغو الايمان وأنه يؤاخذ بما عقد عليه قلبه ونواه.
وقوله " فكفارته " (الهاء) يحتمل رجوعها إلى أحد ثلاثة أشياء.
أحدها - إلى (ما) من قوله بما عقدتم الايمان. الثاني - على اللغو.
الثالث - على حنث اليمين لأنه مدلول عليه. والأول هو الصحيح، وبه قال

(1) سورة البقرة آية 10 (2) اللسان (جلمد).
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست