التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨
وقال السدي: نهاهم الله عما هم به عثمان بن مظعون من جب نفسه.
وقال عكرمة: هو ما همت به الجماعة: من تحريم النساء والطعام واللباس والنوم.
وقال الحسن: لا تعتدوا إلى ما حرم عليكم وهو أعم فائدة. والاعتداء مجاوزة حد الحكمة إلى ما نهى عنه الحكيم، وزجر عنه إما بالعقل أو السمع، وهو تجاوز المرء ماله إلى ما ليس له. وقوله " إن الله لا يحب المعتدين " معناه يبغضهم ويريد الانتقام منهم وإنما ذكره على وجه النفي لدلالة هذا النفي على معنى الاثبات إذ ذكر في صفة المعتدين، وكأنه قيل يكفيهم في الهلاك ألا يحبهم الله.
قوله تعالى:
وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (91) آية اجماعا.
سبب نزول هذه الآية والتي قبلها على ما قال عكرمة وأبو قلابة وأبو مالك وإبراهيم وقتادة والسدي وابن عباس والضحاك: إن جماعة من الصحابة منهم علي (ع) وعثمان بن مظعون وابن مسعود وعبد الله بن عمر، هموا بصيام الدهر وقيام الليل، واعتزال الناس وجب أنفسهم وتحريم الطيبات عليهم. فروي أن عثمان بن مظعون قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله إئذن لي في الترهب فقال: (لا إنما رهبانية أمتي الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة) فقلت: يا رسول الله أتأذن لي في السياحة قال: (سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله) فقلت: يا رسول الله أتأذن لي في الاختصاء فقال:
(ليس منا من خصا واختصا إنما اختصاء أمتي الصوم).
وقوله " وكلوا " لفظه لفظ الامر والمراد به الإباحة أباح الله تعالى
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست