التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٦
القبح. وقوله " وذلك جزاء المحسنين " وإن كان مطلقا فهو مقيد في المعنى بالمحسنين الذين يجوز عليهم الوعد بالنفع، لأنه وعد به، ألا ترى أن الله تعالى يفعل الاحسان وإن كان لا يصح عليه الثواب لأنه مضمن بمن يجوز عليه المنافع والمضار فجزاؤه هذه المنافع العظام دون المضار، لأنه خرج مخرج استدعاء العباد إلى فعل الاحسان.
قوله تعالى:
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم (89) آية بلا خلاف.
لما كان أهل الكتاب فريقين أحدهما آمنوا، والثاني كفروا، وذكر الوعد للمؤمنين منهم اقتضى أن يذكر الوعيد لمن كفر منهم وأطلق اللفظ ليكون لهم ولكل من جرى مجراهم، وإنما شرط في الوعيد على الكفر بالتكذيب بالآيات وإن كان كل واحد منهما يستحق به العقاب، لان صفة الكفار من أهل الكتاب أنهم يكذبون بالآيات، فلم يصلح - هاهنا - لو كذبوا لأنهم قد جمعوا الامرين، ولان دعوة الرسول صلى الله عليه وآله بوعيد الكفار ظاهرة مع مجئ القرآن به في نحو قوله " ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " (1) فلم يقع فيه اشكال لهذا. وقوله " أولئك " يعني هؤلاء الكفار.
و " أصحاب الجحيم " يعني الملازمون لها، كقولك أصحاب الصحراء وليس كمثل أصحاب الأموال، لان معنى ذلك ملاك الأموال. وليس من شرط المكذب أن يكون عالما أن ما كذب به صحيح بل إذا اعتقد أن الخبر كذب سمي مكذبا، وإن لم يعلم أنه كذب، وإنما يستحق الذم، لأنه جعل

(1) سورة 4 النساء آية 47، 115.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست