التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٢٦
قوله تعالى:
وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون (37).
قرأ ابن كثير " ينزل " بالتخفيف. الباقون بالتشديد.
ومعنى " وقالوا " اخبار عما قاله الكفار من أنهم قالوا " لولا " ومعناه:
هلا " أنزل عليه آية " يعني الآية التي سألوها واقترحوا أن يأتيهم بها من جنس ما شاءوا لما قالوا " فليأتنا بآية كما أرسل الأولون " (1) يعنون فلق البحر واحياء الموتى. وإنما قالوا ذلك حين أيقنوا بالعجز عن معارضته فيما أتى به من القرآن، فاستراحوا إلى أن يلتمسوا مثل آيات الأولين، فقال الله تعالى " أو لم يكفهم أنا نزلنا عليك الكتاب " (2) وقال هاهنا قل يا محمد " ان الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون " ما في إنزالها من وجوب الاستئصال لهم إذا لم يؤمنوا عند نزولها. وما في الاقتصار بهم على ما أوتوا من المصلحة لهم. وبين في آية أخرى انه لو أنزل عليهم ما أنزل لم يؤمنوا، وهو قوله " ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة " إلى قوله: " ما كانوا ليؤمنوا الا أن يشاء الله " (3) ان يكرههم. وقال " وما منعنا أن نرسل بالآيات الا أن كذب بها الأولون " (4) يعني الآيات التي اقترحوها إنما لم نأتهم بها، لأنا لو أتيناهم بها ولم يؤمنوا وجب استئصالهم، كما وجب استئصال من تقدمهم ممن كذب بآيات الله. وقال في سورة العنكبوت " وقالوا لا أنزل عليه آية من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم انا أنزلنا عليك الكتاب " (5) الآية. فبين ان الآيات لا يقدر عليها الا الله، وقد أتاهم بما فيه

(1) سورة 21 الأنبياء آية 5.
(2) سورة 29 العنكبوت آية 51 (3) سورة 6 الانعام آية 111 (4) سورة 17 الاسرى آية 59 (5) سورة 29 العنكبوت آية 50 - 51.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست