التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٣٧
ما يقول المجبرة من أن الله هو المزين لهم ذلك، وفيها حجة على من قال: ان الله لم يرد من الكافر الايمان، وانه ارسل الرسل بينة عليهم، وعلى من زعم أن أخذه الكافرين بالبأساء والضراء في الدين ليس لما أراد من صلاحهم، لأنه بين الله إنما فعل بهم ذلك ليتضرعوا، وهذه لام الغرض، لأن الشك لا يجوز عليه تعالى " ويتضرعون " معناه يتذللون يقال ضرع فلان لفلان إذا بخع له وسأله أن يعطيه، وفلان ضارع أي نحيف.
قوله تعالى:
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (44) فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين (45) آيتان قرأ ابن عامر وأبو جعفر، وورش " فتحنا " وفي الأعراف " لفتحنا " وفي الأنبياء " فتحت " وفى القمر " ففتحنا أبواب السماء " بالتشديد فيهن، وافقهم روح في الأنبياء والقمر. والباقون بالتخفيف فيهن.
ومن ثقل أراد التكثير، ومن خفف أراد الفعل مرة واحدة.
بين الله تعالى بهذه الآية ان هؤلاء الكفار لما لم ينتفعوا بالبأساء والضراء على ما اقتضت مصلحتهم، ونسوها أي تركوها فصارت في حكم المنسي ابتليناهم بالتوسعة في الرزق ليرغبوا بذلك في نعيم الآخرة، وينبهوا عليه، فيطيعوا ويرجعوا عما هم عليه، فلما لم ينجع ذلك فيهم ولم يرتدعوا عن الفرح بما أوتوا، ولم ينعظوا ولم ينفعهم الزجر بالضراء والسراء، ولا الترغيب بالتوسعة والرخاء أحللنا بهم العقوبة بغتة أي مفاجأة من حيث لا يشعرون " فإذا هم مبلسون ".
قال الزجاج: (المبلس) الشديد الحسرة و (البائس) الحزين. وقال البلخي:
معنى مبلسون يعني: أذلة خاضعين. وقال الجبائي: معنى (مبلسون) آيسون، وقال الفراء المبلس: المنقطع الحجة، قال رؤبة:
(١٣٧)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الحج (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست