التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٣٨
وحضرت يوم خميس الأخماس * وفى الوجوه صفرة وابلاس (1) وقال مجاهد: الابلاس السكوت مع اكتآب.
وقوله " كل شئ " المراد به التكثير دون العموم، وهو مثل قوله " وأوتيت من كل شئ " (2) وكقول القائل: أكلنا عنده كل شئ ورأينا منه كل خير، وكما يقال هذا قول أهل العراق، وأهل الحجاز، ويراد به قول أكثرهم.
وقال تعالى: " ولقد أريناه آياتنا كلها " (3) وكل ذلك يراد به الخصوص، وموضوعه التكثير، والتفخيم. وإذا علمنا في الجملة بالعقل ان هذه الآيات مخصوصة، فلا ينبغي ان يعتقد فيها تخصيص شئ بعينه، وليس علينا أكثر من أن نعتقد أنهم أو توا خيرا كثيرا، وفتح عليهم أبواب أشياء كثيرة كانت متغلقة عليهم، وليس يلزمنا أكثر من ذلك.
فان قيل الذي يسبق إلى القلوب غير ما تأولتم عليه وهو ان الله إنما فتح عليهم أبواب كل شئ ليفرحوا ويمرحوا ليستحقوا العقاب.
قلنا: الظاهر وإن كان كذلك انصرفنا عنه بدليل، كما انصرفنا عنه قوله:
" الرحمن على العرش أستوى " (4) وعن قوله " وجاء ربك " (5) وعن قوله:
" أأمنتم من في السماء " (6) فكما يجب ان نترك ظاهر هذه الآيات وإن كان ظاهرها التشبيه فكذلك ترك ما ظاهره يوجب إضافة القبيح إليه، وينافى عدله ويعدل إلى ما يليق بحكمته وعدله.
وقوله " فقطع دابر القوم الذين ظلموا " معناه أخذهم الذي يدبرهم ويدبرهم، لغتان - بضم الباء وكسرها - وهو الذي يكون في أعقابهم.
وروي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبريا - بضم الدال - يعني في آخر الوقت، هذا قول أصحاب الحديث. وقال

(1) مجمع البيان 2: 300 واللسان (بلس).
(2) سورة 27 النمل آية 23.
(3) سورة 20 طه آية 56 (4) سورة 20 طه آية 5 (5) سورة 89 الفجر آية 22 (6) سورة 67 الملك آية 16، 17.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست