بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٦٤٥
قال أبو الفرج: وفي حديث أبي زيد (1) عن السري، عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان النهدي أنه لما شهد الشاهد الأول عند عمد تغير (2) لون عمر، ثم جاء الثاني فشهد فانكسر لذلك انكسار شديدا، ثم جاء الثالث فشهد فكأن الرماد نثر على وجه عمر، فلما جاء زياد جاء شاب يخطر (3) بيديه، فرفع عمر رأسه إليه وقال: ما عندك أنت يا سلح (4) العقاب؟ وصاح أبو عثمان النهدي صيحة يحكي (5) صيحة عمر، قال عبد الكريم (6): لقد كدت أن يغشى علي لصيحته.
قال أبو الفرج: فكان المغيرة يحدث، قال: فقمت إلى زياد، فقلت: لا مخبأ لعطر بعد عروس (7)، يا زياد! أذكرك الله وأذكرك موقف القيامة وكتابه ورسوله أن

(١) في شرح النهج: زيد بن عمر بن شبة.
(٢) في المصدر: تغير الثالث لذلك. والظاهر زيادة كلمة: الثالث، وكونها للسطر الآتي.
أقول: إن ملاحظة القصة بصدرها وذيلها تعطي علة تغير لون عمر أولا، وانكساره ثانيا، وصيرورته كأن الرماد نثر على وجهه ثالثا، وإيعازه إلى رابع الأربعة في الشهادة بكتمان شهادته رابعا، ولعل لمثل هذه الأوصاف والافعال صار مثلا للعدل عند أهل التسنن؟!.
(٣) جاء في حاشية (ك): والخطر - بالكسر -: نبات يختضب به. صحاح.
انظر: الصحاح ٢ / ٦٤٨. أقول: المعنى المناسب للمقام ما جاء في النهاية لابن الأثير ٣ / ٤٦:
يخطر بسيفه..
أي يهزه معجبا بنفسه.
(٤) جاء في حاشية (ك): في مصباح اللغة: سلح الطائر سلحا - من باب نفع -: هو منه كالتغوط من الانسان، وهو سلحه تسمية بالمصدر. [منه (رحمه الله)].
انظر: المصباح المنير 1 / 343، وفيه زيادة الواو بعد: نفع.
(5) في شرح النهج: تحكي.
(6) في المصدر: عبد الكريم بن رشيد.
(7) جاء في حاشية (ك): ما يلي: قال الميداني في مجمع الأمثال: لا مخبأ لعطر بعد العرس، ويروى لا عطر بعد العروس، قال المفضل: أول من قال ذلك امرأة من عذرة يقال لها: أسماء بنت عبد الله، وكان لها زوج من بني عمها يقال له: عروس فمات عنها فتزوجها رجل من قومها يقال له: نوفل، وكان أعسر أبخر بخيلا دميما، فلما أراد أن يظعن بها قالت له: لو أذنت لي فرثيت ابن عمي وبكيت عند رمسه؟. فقال: افعلي، فقالت: أبيك يا عروس الاعراس، يا ثعلبا في أهله وأسدا عند البأس مع أشياء ليس يعلمها الناس. قال: وما تلك الأشياء؟.
قالت: كان عن الهمة غير نعاس ويعمل السيف صويحات البأس. ثم قالت: يا عروس الأعز الأزهر الطيب الخيم الكليم المحضر مع أشياء له لا تذكر، قال: وما تلك الأشياء؟. قالت: كان عيوفا للخنا والمنكر، طيب النكهة غير أبخر، أيسر غير أعسر، فعرف الزوج أنها تعرض به، فلما رحل بها قال سمي إليك عطرك.. وقد نظر إلى قشوة عطرها مطروحة. فقالت: لا عطر بعد عروس.. فذهبت مثلا.
ويقال: إن رجلا تزوج امرأة فأهديت إليه فوجدها تفلة، فقال لها: أين الطيب؟ -. فقال:
خبأته. فقال لها: لا مخبأ لعطر بعد عروس.. فذهبت مثلا، يضرب لمن لا يدخر عنه نفيس.
وقيل: عروس اسم رجل مات فحملت امرأته أواني العطر فكسرتها وصبت العطر، فوبخها بعض معارفها، فقال ذلك.
يضرب على الأول في ذم ادخار الشئ وقت الحاجة إليه، وعلى الثاني في الاستغناء عن ادخار الشئ لعدم من يدخر له، انتهى.
ولعل المناسب هنا الأول من المعنيين الأخيرين. [منه (رحمه الله)].
انظر: مجمع الأمثال 2 / 112 - 113 برقم 3491 بتصرف. وجاءت الفقرة الأخيرة في المستقصى لأمثال العرب للزمخشري 2 / 264 برقم 991.
(٦٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 640 641 642 643 644 645 646 647 648 649 650 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691