بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٨٥
فكان على خالد أن يسألهم أولا عن شبهتهم ويبين لهم بطلانها، ثم إن أصروا على الامتناع والخروج عن الطاعة قاتلهم، ولم ينقل أحد أن خالدا وأصحابه أزاح لهم علة أو أبطل لهم شبهة، ولا أنهم أصروا على العصيان، بل قد سبق (1) في القصة التي رواها السيد وصدقه ابن أبي الحديد (2) أنهم قالوا: نحن مسلمون، فأمرهم أصحاب خالد بوضع السلاح، ولما وضعوا أسلحتهم ربطوهم أسارى، وكان على أبي بكر أن ينكر على خالد ويوضح سوء صنيعه للناس، لا أن يلقاه بوجه يخرج من عنده ويستهزئ بعمر ويقول له: هلم إلي يا ابن أم شملة!.
وقد روى كثير من مؤرخيهم - منهم صاحب روضة الأحباب (3) - أنه قبض على قائمة سيفه وقال لعمر ذلك.
ولا يذهب على من له نصيب من الفهم أنه لو شم من أبي بكر رائحة من الكراهة أو التهديد لما اجترأ على عمر بالسخرية والاستهزاء، والامر في ذلك أوضح من أن يحتاج إلى الكشف والافصاح، هذا مع أنه قد اعترف أبو بكر بخطأ خالد - كما رواه ابن أبي الحديد (4) - حيث قال: لما قتل خالد مالك بن نويرة ونكح امرأته كان في عسكره أبو قتادة الأنصاري، فركب فرسه والتحق بأبي بكر، وحلف أن لا يسير في جيش تحت لواء خالد أبدا، فقص على أبي بكر القصة، فقال أبو بكر: لقد فتنت الغنائم العرب، وترك خالد ما أمرته (5). فقال عمر: إن عليك أن تقيده بمالك، فسكت أبو بكر، وقدم خالد فدخل المسجد وعليه ثياب قد صدئت من الحديد، وفي عمامته ثلاثة أسهم، فلما رآه عمر قال: أرياءا! يا عدو الله؟، عدوت على رجل من المسلمين فقتلته ونكحت امرأته، أما والله إن أمكنني الله (6)

(١) في هذا الطعن صفحة: ٤٧٦.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٠٦.
(٣) روضة الأحباب، انظر: التعليقة رقم (٤) في صفحة (٤٣٢)، من هذا المجلد.
(٤) شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة ١ / 179.
(5) في المصدر: ما أمر به.
(6) في المصدر زيادة: منك، بعد لفظ الجلالة.
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691