بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٦٤
خلافة أبي بكر وسيلة إلى ما هو مقصدهم الأقصى، وقرة عيونهم من دفع أهل البيت عليهم السلام عن هذا المقام، فكان قدح عمر في أبي بكر تخريبا لهذا الأساس ومناقضا لذلك الغرض، ولم يكن كارها لخلافة أبي بكر إلا لأنه كانت خلافة نفسه أحب إليه وأقر لعينه - كما يظهر من كلام السيد رضي الله عنه ومن رواياته -.
ومن نظر بعين الانصاف علم أن تعظيم عمر لأبي بكر وإظهاره الرضا بإمارته - مع كونها وسيلة لانتقال الامر إليه وصرفه عن أهل البيت - لا دلالة فيه بوجه من الوجوه على تدينه بإمامة أبي بكر، وكونها أحب إليه من خلافة نفسه، وإن ما ادعوا من العلم الضروري في ذلك ليس إلا عتوا في التعصب وعلوا في التعسف.
لا يقال: إذا كانت خلافة أبي بكر أساسا لخلافة عمر وسببا لدفع علي عليه السلام عنها فكيف كان عمر - مع شدة حيلته ودهائه - يقول على رؤوس الاشهاد:
كانت بيعة أبي بكر فلتة - بالمعنى الذي زعمتموه؟ وكيف يظهر مكنون ضميره لأبي موسى والمغيرة وغيرهما - كما يدل عليه الروايات المذكورة؟!.
لأنا نقول: إما إفشاؤه ما أسر في نفسه إلى أبي موسى والمغيرة وابن عمر فلم يكن مظنة للخوف على ذهاب الخلافة، إذ كان يعرفهم بحبهم له وثيق (1) بأنهم لا يظهرون ذلك إلا لأهله، ولو أظهروه لأنكر عليهم عامة الناس، فلم يبال بإفشائه إليهم.
وأما حكاية الفلتة، فكانت بعد استقرار خلافته وتمكن رعبه وهيبته في قلوب الناس، وقد دعاه إليها أنه سمع أن عمار بن ياسر كان يقول: لو قد مات عمر لبايعت عليا عليه السلام - كما اعترف به الجاحظ، وحكاه عنه ابن أبي

(1) كذا، والظاهر: يثق - بتقديم الياء المثناة على الثاء المثلثة -.
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691