بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٦٦
يتكلف (1) وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطبع الجاسي والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات، ولا يقصد بها سوءا ولا يريد بها تخطئة ولا ذما (2)!، كما قدمناه في اللفظة التي قالها في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله، وكاللفظات التي قالها عام الحديبية.. وغير ذلك (3)، والله تعالى لا يجازي المكلف إلا بما نواه، ولقد كانت نيته من أظهر (4) النيات وأخلصها لله سبحانه والمسلمين، ومن أنصف علم أن هذا الكلام حق.
ويرد عليه أن اقتضاء الطبيعة واستدعاء الغريزة - التي جعله معذرة له - إن أراد أنه بلغ إلى حيث لم يبق (5) لعمر معه قدرة على إمساك لسانه عن التكلم بخلاف ما في ضميره، بل كان يصدر عنه الذم في مقام يريد المدح، والشتم في موضع يريد الاكرام، ويخرج بذلك عن حد التكليف، فلا مناقشة في ذلك، لكن مثل هذا الرجل يعده العقلاء في زمرة المجانين، ولا خلاف في أن العقل من شروط الإمامة.
وإن أراد أنه يبقى مع ذلك ما هو مناط التكليف فذلك مما لا يسمن ولا يغني من جوع، فإن إبليس استكبر على آدم بمقتضى الجبلة النارية ومع ذلك استحق النار وشملته اللعنة إلى يوم الدين، والزاني إنما يزني بمقتضى الشهوة التي جبله الله عليها ولا حيلة له فيها، ومع ذلك يرجم ولا يرحم.
ونعم ما تمسك به في إصلاح هذه الكلمة من قول عمر - في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الرجل ليهذو، أو إن الرجل ليهجر -، ورده على رسول الله صلى الله عليه وآله: حسبنا كتاب الله، كما سيأتي (6) في مطاعنه مفصلا

(1) في المصدر: أن يتلطف..
(2) في شرح النهج بعد قوله ولا ذما: ولا تخطئة - بتقديم وتأخير -.
(3) سيأتي بحثها في مطاعن عمر مفصلا مع مصادرها، وانظر: الطرائف 2 / 479، وغيره.
(4) في المصدر: أطهر - بالطاء المهملة -.
(5) نسخة في (ك): أنه لم يبق.
(6) سيأتي مفصلا كلامه ومصادره.
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691