بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٨
قال: ثم إن صفية رضي الله عنها عزمت على الخروج من بيتها، فقالت لها خديجة:
امهلي قليلا، ثم أخرجت خلعة سنية وخلعتها على صفية، وضمتها إلى صدرها، وقالت يا صفية: بالله عليك إلا ما أعنتيني على وصال محمد صلى الله عليه وآله (1)، قالت: نعم، ثم خرجت طالبة لاخوتها، فقالوا لها: ما وراءك يا صفية، يا ابنة الطيبين؟ قالت: يا أخواتي قوموا إن كنتم قائمين، فوالله إن لها في ابن أخيكم محمد صلى الله عليه وآله رغبة ليس تدرك، ففرحوا بذلك كلهم غير أبي لهب، فإن كلامها زاده غيظا وحسدا لمحمد صلى الله عليه وآله، وذلك بسبب الشقاوة السابقة (2)، فزعق بهم العباس وقال: فما قعودكم إذ كان قد حصل الامر؟ فنهضوا جميعا إلى دار خويلد، وقد عمد أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وألبسه أحسن الثياب، وقلده سيفا، وأركبه على جواده، ودار حوله عمومته وكلهم محدقون به، فلقاهم أبو بكر بن أبي قحافة وقال:
إلى أين تريدون يا أولاد عبد المطلب؟ لقد كنت قاصدا إليكم في حاجة خطرت ببالي، فقال له العباس: وما هي؟ اذكرها، قال: رأيت في منامي كأن نجما قد ظهر في منزل أبي طالب وارتفع إلى أفق السماء، وأنار واستنار إلى أن صار كالقمر الزاهر، ثم نزل بين الجدران فتبعته، فإذا هو قد دخل في بيت خديجة بنت خويلد، ودخل معها تحت الثياب، فما تأويله؟ قال له أبو طالب: ها نحن لها قاصدون، وعلى خطبتها معولون، ثم ساروا حتى وصلوا منزل خويلد فسبقتهم الجواري إليه، وكان يشرب الخمر، وقد لعب الخمر في رأسه، فلما نظر إلى بني هاشم قام لهم وقال: مرحبا وأهلا بأبناء آبائنا وأعز الخلق علينا، فقال أبو طالب:
يا خويلد ما جئنا إلا لحاجة (3)، وأنت تعلم قربنا منكم، ونحن في هذا الحرم أبناء أب واحد، وقد جئنا خاطبين ابنتك خديجة لسيدنا (4)، ونحن لها راغبون، فقال خويلد:

(1) في المصدر: برب الكعبة الا ما ساعدتيني على ما أطلب من قرب محمد.
(2) في المصدر: وذلك بسبب الشقاوة السابقة ظهر به الحسد، وزاد الكمد، حيث أن خديجة تصل إلى محمد صلى الله عليه وآله.
(3) في المصدر: يا خويلد ما أتيناك للطعام ولا للشراب، وأنت تعلم أننا لك قرابة، وأنتم لنا بنو عم، ونحن في هذا الحرم بنو أب واحد، ليس لأحد شرف كشرفنا، ونحن وأنت في الحال سوى، ونحب أن لا تخالفنا، وتقرب ابنتك لسيدنا، فهو يزينها ولا يشينها، وقد جئناك خاطبين وفي ابنتك راغبين.
(4) محمد خ ل.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402