بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٤١
إلا قليلا وإذا الركب قد أقبل وحول البئر قد نزلوا، وحطوا الأحمال عن الجمال، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحب الخلوة بنفسه، فأقبل تحت الشجرة فاخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها، فما استقر بهم الجلوس حتى قام النبي صلى الله عليه وآله فمشى إلى البئر فنظر إليها واستحسن عمارتها، وتفل فيها فتفجرت منها عيون كثيرة، ونبع منها ماء معين، فلما رأى الراهب ذلك قال: يا أولادي هذا هو المطلوب فبادروا بصنع الولائم من أحسن الطعام لنتشرف بسيد بني هاشم، فإنه سيد الأنام، لنأخذ منه الذمة (1) لسائر الرهبان، فبادر القوم لامره طائعين، وصنعوا الولائم، وقال لهم: أنزلوا إلى أمير هذا القوم (2) وقولوا له:
إن أبانا يسلم عليك، ويقول لك: إنه قد عمل (3) وليمة وهو يسألك أن تجيبه وتأكل من زاده، فنزل بعض الرهبان فما رأى أحسن من أبي جهل لعنه الله، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبر أبا جهل بمقالة الراهب، فنادى في العرب: إن هذا الراهب قد صنع لأجلي وليمة، وأريد أن تجيبوا لدعوته (4)، فقال القوم: من نترك عند أموالنا؟
فقال أبو جهل: اجعلوا محمدا عند أموالنا فهو الصادق الأمين، وفي هذا المعنى قيل:
شعر:
ومناقب شهد العدو بفضلها * والفضل ما تشهد به الأعداء فسار القوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسألوه أن يجلس عند متاعهم. وسار القوم إلى الراهب يتقدمهم أبو جهل لعنه الله، وقد أعجب بنفسه، فلما دخلوا الدير أحضر (5) لهم الطعام وناداهم بالرحب والاكرام، فأخذ القوم في الاكل، وأخذ الراهب القلنسوة جعل ينظر فيه ويدور على القوم رجلا رجلا (6)، وجعل ينظر فيهم رجلا رجلا، فلم ير صفة النبي

(1) الذمم خ ل.
(2) الركب خ ل.
(3) في المصدر: عمل لك. وفيه: أن تجيب عزيمته وتأكل وليمته.
(4) في المصدر: أن تجيبوا عزيمته. وتأكلوا من وليمته.
(5) أحضروا.
(6) وأخذ الراهب السفر في يده وهو ينظر فيه ويدور على القوم رجلا خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402