بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ١٤٠
الآتية، وقيل: فإذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة، أو فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء " وإلى ربك فارغب " بالسؤال، ولا تسأل غيره، فإنه القادر وحده على إسعافه (1).
أقول: اعلم أن شق بطنه صلى الله عليه وآله في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما عرفت، وأما رواياتنا وإن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة لم يرد نفيها أيضا، ولا يأبى عنه العقل أيضا، فنحن في نفيه وإثباته من المتوقفين، كما أعرض عنه أكثر علمائنا

(١) قال الشريف الرضى قدس الله روحه الشريفة في تلخيص البيان: ٢٧٩: وهذا القول مجاز واستعارة، لان النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز أن ينتهى عظم ذنبه إلى حال أنقاض الظهر وهو صوت تقعقع العظام من ثقل الحمل، لان هذا القول لا يكون الا كناية عن الذنوب العظيمة و الافعال القبيحة، وذلك غير جائز على الأنبياء عليهم السلام، في قول من لا يجيز عليهم الصغائر و الكبائر، وفي قول من يجيز عليهم الصغائر دون الكبائر، لان الله تعالى قد نزههم عن موبقات الأنام ومستحقات " مستقبحات ظ " الافعال، إذ كانوا امناء وحيه، وألسنة أمره ونهيه، وسفرائه إلى خلقه، وقد استقصينا الكلام في باب مفرد من كتابنا الكبير، فنقول: إن المراد هاهنا بوضع الوزر ليس على ما يظنه المخالفون، من كونه كناية عن الذنب، وإنما المراد به ما كان يعانيه النبي صلى الله عليه وآله من الأمور المستصعبة والمواقف الخطرة في أداء الرسالة، وتبليغ النذارة، وما كان يلاقيه صلى الله عليه وآله من مضار قومه، ويتلقاه من مرامي أيدي معشره، وكل ذلك حرج في صدره، وثقل على ظهره، فقرره الله تعالى بأنه أزال عنه تلك المخاوف كلها، و حط عن ظهره تلك الأعباء بأسرها، وأداله من أعدائه، وفضله على أكفائه، وقدم ذكره على كل ذكر، ورفع قدره على كل قدر، حتى أمن بعد الخيفة، واطمأن بعد القلقة، وخرج من حقائق الضغطة إلى مفاسح الغبطة، ومن عقال الانقباض إلى محال الانبساط، فلذلك قال سبحانه: " ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك " وهذه الأمور التي امتن الله تعالى عليه بأنه فعلها به متشابهة في المعنى، لان شرح الصدر ووضع الوزر إذا كان بمعنى إزالة الثقل من الهم، ورفع الذكر أحوال يشبه بعضها البعض، فلا معنى لتأول الوزر هنا على أنه الذنب والمعصية، ولا دليل في الآية على ذلك، مع ما في القول به من الغمز في مزايا الأنبياء الذين قد رفع الله سبحانه أقدارهم، وأعلى منارهم، وألزمنا اتباع مناهجهم وثقيل طرائقهم وتقبل أوامرهم. فان قال قائل: إن هذه السورة مكية وكان نزولها وهو عليه السلام بعد في حال الخوف والمراقبة وضعف اليد عن المغالبة، قيل له: لا يمتنع أن يكون الله تعالى بشره بما تؤول إليه عواقب أمره من انجلاء الكربة، وانحسار اللزبة، وقوة السلطان، وانتشار الاعلام، فقال المتوقع من ذلك عنده مقام الواقع لتصديقه وسكونه إلى صحته، فزال ما كان يعانيه من أثقال الهموم، و يقاسيه من خناق الكروب، وهذا جواب مقنع بتوفيق الله وعونه.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402