بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٩
امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم منه، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وآله من صدق حديثه و عظيم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وآله، وخرج في مالها ذلك، ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال:
من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وآله سلعته التي خرج فيها (1)، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، وكان ميسرة فيما يزعمون قال: إذا كانت الهاجرة (2) واشتد الحر نزل ملكان يظلانه من الشمس، وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين، فبعثت إلى رسول الله فقالت له فيما يزعمون: يا ابن عم قد رغبت فيك لقرابتك مني، و شرفك في قومك، وسطتك (3) فيهم، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة، وهي يومئذ أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها قد كان حريصا على ذلك لو يقدر عليه، فلما قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله ما قالت ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه منهم حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله.
وروى بإسناده عن ابن شهاب الزهري قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وآله وبلغ أشده وليس له كثير مال استأجرته خديجة بنت خويلد إلى سوق حباشة، وهو سوق بتهامة، و استأجرت معه رجلا آخر من قريش، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت من صاحبة لأجير

(1) في السيرة: خرج بها.
(2) الهاجرة: نصف النهار في القيظ، أو من عند زوال الشمس إلى العصر.
(3) سطتك بكسر السين وفتح الطاء أي شرفك وسامى منزلتك.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402