بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٥
رام بك أردت أن تخاصمني بعيك؟ أو أردت أن تحاجني بخطابك؟ أم أردت أن تكابرني (1) بضعفك؟ أين أنت مني يوم خلقت الأرض فوضعتها على أساسها؟ هل علمت بأي مقدرا قدرتها؟ أم كنت معي تمد بأطرافها؟ (2) أم تعلم ما بعد زواياها؟ أم على أي شئ وضعت أكنافها؟ أبطاعتك حمل الماء الأرض؟ أم بحكمتك كانت الأرض للماء غطاء أين كنت مني يوم رفعت السماء سقفا في الهواء؟ لا بعلائق سببت، ولا تحملها دعم من تحتها، (3) هل يبلغ من حكمتك أن تجري نورها؟ أو تسير نجومها؟ أو تختلف بأمرك ليلها ونهارها؟
أين أنت مني يوم سجرت البحار، وأنبعت الأنهار؟ أقدرتك حبست أمواج البحار على حدودها؟ أم قدرتك فتحت الأرحام حين بلغت مدتها؟ أين أنت مني يوم صببت الماء على التراب؟ ونصبت شوامخ الجبال؟ هل لك من ذراع تطيق حملها؟ أم هل تدري كم من مثقال فيها؟ (4) أم أين الماء الذي أنزلت من السماء؟ هل تدري أم تلد أو أب يولده؟ أحكمتك أحصت القطر، وقسمت الأرزاق؟ أم قدرتك تثير السحاب وتجري الماء؟ هل تدري ما أصوات الرعود؟ أم من أي شئ لهب البرق؟ وهل رأيت عمق البحر؟ هل تدري ما بعد الهواء؟ أم هل خزنت أرواح الأموات؟ أم هل تدري أين خزانة الثلج؟ وأين خزانة البرد؟ أم أين جبال البرد؟ أم هل تدري أين خزانة الليل والنهار؟ وأين طريق النور؟ وبأي لغة تتكلم الأشجار؟ وأين خزانة الريح؟ وكيف تحبسه؟ ومن جعل العقول في أجواف الرجال؟ ومن شق الاسماع والابصار؟ ومن ذلت الملائكة لملكه وقهر الجبارين بجبروته؟ وقسم أرزاق الدواب بحكمته؟ من قسم للأسد أرزاقها؟ وعرف الطير معائشها؟ وعطفها على أفراخها؟ من أعتق الوحش من الخدمة؟ و جعل مساكنها البرية؟ لا تستأنس بالأصوات، ولا تهاب المسلطين! أم من حكمتك عطفت أمهاتها عليها حتى أخرجت لها الطعام من بطونها، وآثرتها بالعيش على نفوسها؟

(1) في المصدر: تكاثرني.
(2) " ": تمر بأطرافها.
(3) " ": لا معاليق تمسكها ولا تحملها دعائيم من تحتها. قلت: المعاليق جمع المعلاق:
كل ما يعلق به. والدعائم جمع الدعامة: عماد البيت. الخشب المنصوب للعريش.
(4) في المصدر: كم مثقال ما فيها.
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست