بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٨
أرى؟ قال: بلى يا رب ولكن لاغنى بي (1) عن فضلك ورحمتك، ومن يشبع من نعمك؟
وقال الحسن: مكث أيوب مطروحا على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا يختلف فيه الدواب; وقال وهب: لم يكن بأيوب اكلة إنما يخرج منه مثل ثدي النساء ثم تتفقا; (2) قال الحسن: ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت معه تصدق (3) وتأتيه بطعام وتحمد الله تعالى معه إذا حمد، وأيوب على ذلك لا يفتر من ذكر الله والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه، فصرخ عدو الله إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض جزعا من صبر أيوب، فلما اجتمعوا إليه قالوا: ما أحزنك؟ قال:
أعياني هذا العبد الذي سألت الله أن يسلطني على ماله وولده، فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزد بذلك إلا صبرا وثناء على الله تعالى، ثم سلطت على جسده وتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا يقربه إلا امرأته فقد افتضحت بربي فاستغثت بكم لتعينوني عليه، فقالوا له: أين مكرك؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى؟ قال: بطل ذلك كله في أمر أيوب فأشيروا علي، قالوا: نشير عليك، أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة من أين آتيته؟ قال: من قبل امرأته، قالوا: فأته من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها، قال: أصبتم، فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق، فتمثل لها في صورة رجل فقال: أين بعلك يا أمة الله؟ قالت: هو ذلك يحك قروحه ويتردد الدواب في جسده، فلما سمعها طمع أن يكون كلمة جزع فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعيم والمال، وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا.
قال الحسن: فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال: ليذبح هذا لي أيوب ولا يذكر عليه اسم الله عز وجل فإنه يبرء، قال: فجاءت تصرخ: يا أيوب حتى متى يعذبك ربك؟ ألا يرحمك؟ أين المال؟ أين الماشية؟ أين الولد؟ أين الصديق

(1) في المصدر: لا غنى لي.
(2) أي تشقق.
(3) في المصدر: غير رحمة امرأته صبرت معه تخدمه وتأتيه بطعام.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست