بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦١
والحجارة الخشنة فلم يزل يحكها حتى نغل لحمه (1) وتقطع وتغير وأنتن، فأخرجه أهل القرية فجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشا، ورفضه خلق الله كلهم غير امرأته وهي رحمة بنت افرائيم بن يوسف ين يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه على نبينا وعليهم، وكانت تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه، فلما رأت الثلاثة من أصحابه وهم يفن وبلدد وصافن (2) ما ابتلاه الله تعالى به اتهموه ورفضوه من غير أن يتركوا دينه، فلما طال به البلاء انطلقوا إليه وهو في بلائه فبكتوه (3) ولاموه وقالوا له: تب إلى الله عز وجل من الذنب الذي عوقبت به.
قالا: وحضره معهم فتى حديث السن وكان قد آمن به وصدقه فقال لهم: إنكم تكلمتم أيها الكهول وكنتم أحق بالكلام لأسنانكم، ولكن قد تر كتم من القول أحسن من الذي قلتم، ومن الرأي أصوب من الذي رأيتم، ومن الامر أجمل من الذي أتيتم، وقد كان لأيوب عليه السلام عليكم من الحق والذمام أفضل من الذي وصفتم، فهل تدرون أيها الكهول حق من انتقصتم؟ وحرمة من انتهكتم؟ ومن الرجل الذي عبتم واتهمتم؟ ألم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته وصفوته (4) من أهل الأرض يومكم هذا؟ ثم لم تعلموا ولم يطلعكم الله تعالى على أنه سخط شيئا من أمره منذ أتاه ما أتاه إلى يومكم هذا، ولا على أنه نزع منه (5) شيئا من الكرامة التي أكرمه بها، ولا أن أيوب فعل غير الحق في طول ما صحبتموه إلى يومكم هذا، فإن كان البلاء هو الذي أزرى عندكم (6) ووضعه في أنفسكم فقد علمتم أن الله تعالى يبتلي النبيين والشهداء والصالحين، ثم ليس بلاؤه

(1) أي أفسد.
(2) في المصدر: فلما رأى أصحابه له ثلاثة ما ابتلاه الله. قلت: تقدم أن اسمهم يفن ومالك وظافر.
(3) أي عنفوه وقرعوه.
(4) في المصدر: أن أيوب نبي الله وحبيبه وصفوته.
(5) ": ولا علمتم انه نزع منه شيئا.
(6) أزرى بالامر: تهاون. أزرى به وأزراه عابه ووضع من حقه،. وفى المصدر: أزرى به عندكم.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست