شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٧١
والأوهام. وفيه رد لما اخترعته أوهام المبتدعة من قرب بعض الأشياء إليه وبعد بعضها عنه حتى أنه يحتاج إلى النزول تحصيلا للقرب من البعيد، وبهذا التقرير يندفع ما عسى أن يقال من أن قربه إنما هو بحسب علمه الذي لا يعزب عنه شيء، وهو بهذا الاعتبار أقرب من كل قريب، فما الوجه لذكر البعد والحكم بالمساواة بينه وبين القرب (لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد) كما هو شأن الممكن المحتاج إلى المكان فإنه إذا انتقل من مكان إلى آخر يبعد منه ما كان قريبا منه في المكان الأول ويقرب منه ما كان بعيدا (ولم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه) فلم يحتج إلى المكان والنزول وتحصيل القرب من الغير واستعمال الحيلة في إمضاء المراد بل كل شيء يحتاج إليه من جميع الجهات (وهو ذو الطول) أي ذو المن والإعطاء (لا إله إلا هو العزيز الحكيم) ذكر هذه الأوصاف أعني الطول على الإطلاق والوحدة المطلقة والغلبة القاهرة والحكمة البالغة كالتأكيد والتعليل لعدم احتياجه إلى شيء من الأشياء بنحو من الأنحاء; لأن إعطاء وجود جميع الموجودات ولواحقه وتفرده بالإلهية واتصافه بالغلبة على جميع الكائنات وبالحكمة البالغة والعلم بجميع الأشياء يقتضي عدم احتياجه إلى شيء منها بالضرورة.
ولا يخفى أن ظاهر هذا الحديث الآتي بعد حديثين يدل على ما روي أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كذب وافتراء، ويدل عليه أيضا إنكار الرضا (عليه السلام) على ما روى عنه الصدوق في الفقيه وقد بالغ (عليه السلام) في الإنكار حتى قال: لعن الله المحرفين للكلم عن مواضعه، ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك إنما قال: «إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست