شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٧٢
الليل الحديث» ولكن روى المصنف في باب فضل يوم الجمعة وليلته (1) من هذا الكتاب بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «فإن استطعت أن تحييها يعني ليلة الجمعة بالصلاة والدعاء فافعل فإن ربك ينزل في أول ليلة الجمعة إلى السماء الدنيا الحديث» وقد أخذنا منه موضع الحاجة وفي طرق العامة روايات متعددة مذكورة في كتاب مسلم «أنه تعالى ينزل في كل ليلة» إلا أن في الروايات أنه ينزل الثلث الأخير، وفي بعضها بعد انقضاء الثلث الأول، وفي بعضها بعد انقضاء الشطر الأول أو ثلثيه، وإذ

١ - قوله: «روى المصنف في باب فضل يوم الجمعة» هذا هو الحديث السادس من ذلك الباب رواه «عن محمد بن يحيى العطار عن عبد الله بن محمد بن علي بن الحكم عن أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن للجمعة حقا وحرمة فإياك أن تضيع أو تقصر في شيء من عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالعمل الصالح وترك المحارم كلها فإن الله يضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات، قال: وذكر (يعنى قال أبان: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام)) إن يومه مثل ليلته فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدعاء فافعل فإن ربك ينزل في أول ليلة الجمعة إلى السماء الدنيا فيضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات وإن الله واسع كريم» انتهى. وقال العلامة المجلسي - ره - في قوله «قال وذكر» كأنه سهو من النساخ أو الرواة، وعلى تقديره فهو على سبيل القلب، انتهى. ومقصوده: أن «قال وذكر» سهو، والصحيح «ذكر وقال»، والحق أن السهو منه - ره - والمعنى ما أشرنا إليه بين الهلالين ولا سهو من النساخ والرواة. وقال المجلسي - ره - يمكن أن يكون المراد نزوله من عرش العظمة والجلال إلى مقام التعطف على العباد وهو حسن جدا.
ثم اعلم أن عمدة تمسك المجسمة بظواهر الألفاظ وعدم جواز التأويل فيها كما نقول به نحن أيضا في الفروع والعبادات، وحجتنا في الفروع عدم إمكان خطاب الناس وتكليفهم بشيء لا يفهمون أو يفهمون خلافه فيعملوا بما لا يريد منهم الله تعالى، وأكثر مجسمة المتأخرين نظير ابن تيمية لا يثبتون لله تعالى صورة معينة كصورة الإنسان بل يقولون إنه محيط بكل شيء من فوق العرش، والظاهر من كلام ابن تيمية المنقول في محاسن التأويل أنه يرجح كون العرش جسما في هيئة قبة موضوعة على السماوات كسقف البيوت وقباب المساجد والمزارات من جانب واحد وهو الجانب الذي يلي رؤوس أهل الأرض بين أقصى الشرق والغرب من البر القديم، وأما الجانب الآخر كأمريكة والجزائر في البحر المحيط الساكن فليس فوقهم عرش ولا يجوز لهم رفع أيديهم ورؤوسهم إلى السماء عند الدعاء، وأما القاسمي فيرجح إحاطة العرش من جميع الجوانب فيجوز لأهل الأرض من البر الجديد أيضا رفع أيديهم إلى السماء فإن الله تعالى يحيط بنا من جميع الجوانب، وعلى هذا فهو جسم غير متناه في العظمة محيط بالعالم، والعالم في جوفه، نظير ما كانوا يقولون في الفلك الأطلس ومقعره تعالى ينتهى إلى العرش ومحدبه تعالى أي الجانب الآخر يذهب إلى غير النهاية، ويبقى الكلام في نزوله فإن ابن تيمية يتأبى من كون ذاته تعالى محاطا متحيزا بل يقول: إنه فوق العرش ومحيط ولا يحويه شيء من المخلوقات، فإذا كانت ليلة الجمعة أو في جميع الليالي ينزل من فوق عرشه إلى جوف العرش أو إلى جوف نفسه فيصير محاطا بمخلوقاته بعد أن لم يكن ولم نعلم أنه ينزل بكليته فيسعه العالم لأنه يصير أصغر من المخلوق أو ينزل ببعض أجزائه فيتجزى، ولا عبرة عنده بقول المتكلمين والحكماء إن كل متجز ممكن، إذ لم ينقل من السلف الصالح وإنما أخذه المتكلمون من كفار اليونانيين وأئمة الرفضة وإنما طولنا الكلام مع عدم اقتضائه ذلك لأني أرى في زماننا جماعة كثيرة يتعصبون لابن تيمية وابن القيم وخرافاتهما خصوصا المدعين للإصلاح والتجديد. (ش)
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست