شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٦٢
المصمت الذي لا جوف له، لأن ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم; والله (جل ذكره) متعال عن ذلك، هو أعظم وأجل من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته، ولو كان تأويل الصمد في صفة الله عز وجل المصمت، لكان مخالفا لقوله عز وجل: (ليس كمثله شيء); لأن ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فأما ما جاء في الأخبار من ذلك فالعالم (عليه السلام) أعلم بما قال، وهذا الذي قال (عليه السلام): إن الصمد هو السيد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عز وجل: (ليس كمثله شيء) والمصمود إليه المقصود في اللغة، قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي (صلى الله عليه وآله) من شعره:
وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها * يؤمون قذفا رأسها بالجنادل يعني قصدوا نحوها، يرمونها بالجنادل يعني الحصا الصغار التي تسمى بالجمار، وقال بعض شعراء الجاهلية (شعرا):
ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا * لله في أكناف مكة يصمد يعني يقصد. وقال ابن الزبرقان: ولا رهيبة إلا سيد صمد (1) وقال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر:
علوته بحسام ثم قلت له: * خذها حذيف فأنت السيد الصمد ومثل هذا كثير، والله عز وجل هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والإنس إليه يصمدون في الحوائج وإليه يلجأون عند الشدائد ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد.
* الشرح:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن السري، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شيء من التوحيد فقال: إن الله تباركت أسماؤه) أي تطهرت عن المعايب والنقائص، كذا فسره عياض، فقال القرطبي: تباركت أسماؤه معناه: كثرت صفات جلاله وعظمته (التي يدعى بها) أشار بهذا الوصف إلى فائدة وضع أسمائه تعالى وهي أن يدعوه الخلائق بها في حوائجهم كما مر (وتعالى في علو كنهه) أن يدركه أحد سواه، و كنه الشيء حقيقته التي هو بها هو هو (واحد) لا ثاني له في الوجود الذاتي ولا كثرة له في ذاته وصفاته فذاته ليست بمتجزية ووجوده وصفاته ليست بزائدة، ولم يفته شيء من كمالاته بل كلما

1 - أوله: ما كان عمران ذا غش ولا حسد.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست