شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٦٣
ينبغي له فهو له بالفعل وفي مرتبة ذاته (توحد بالتوحيد في توحده) أي تفرد بتوحيده في حال تفرده بالوجود يعني أنه كان في الأزل قبل إيجاد الخلق يوحد نفسه بلا مشارك (ثم أجراه) أي توحيده (على خلقه) (1) بأن فطرهم عليه أو كلفهم به (فهو واحد) بالمعنى المذكور (صمد) يرجع إليه جميع الخلائق في جميع الحوائج (قدوس) طاهر من النقايص والعيوب ومتنزه عن الأولاد والأنداد غيرهما مما لا يليق به (يعبده كل شيء) ناظر إلى الواحد; لأن الوحدة المطلقة وعدم المشاركة في الوجود الذاتي يقتضيان عدم المشاركة في العبادة فكل شيء عابد له لا معبود (ويصمد إليه كل شيء) ناظر إلى الصمد، والصمد القصد، وفعله من باب طلب (ووسع كل شيء علما) ناظر إلى القدوس; لأن القدس يقتضي العلم بجميع الأشياء لئلا يلزم الجهل المنافي له.
(فهذا) أي ما ذكر من الصمد السيد المصمود إليه في القليل والكثير. والظاهر أن هذا كلام المصنف رضي الله عنه (هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد) (2) عرف المسند إليه بالإشارة لزيادة التميز والإيضاح وعرف المسند بلام التعريف لقصد الحصر وأتى بضمير الفصل لقصد المبالغة فيه; ولهذا أيضا صرح بالجزء السلبي فقال:
(لا ما ذهب إليه المشبهة أن تأويل الصمد المصمت الذي لا جوف له) هؤلاء لما رأوا أنه تعالى صمد وأن الصمد يطلق في اللغة على المصمت الذي لا جوف له أولوه به ومالوا إلى توصيفه بأنه مصمت وإلى تقديسه بأنه لا جوف له كإنسان ونحوه فلحقه التشبيه; لأن في الخلق ما هو بهذه الصفة.
فتأويل الصمد بهذا باطل لما أشار إليه بقوله: (لأن ذلك) أي تأويل الصمد بهذا (لا يكون إلا من صفة

1 - قوله: «ثم أجراه على خلقه» والصحيح في تفسير هذا الكلام أن الوحدة الحقة مختصة بذاته تعالى، والوحدة في ساير خلقه ظل لوحدته ومأخوذة منه، فهو المتوحد في التوحيد أي لا واحد بالوحدة الحقيقية إلا هو; وذلك لما مر أن كل ممكن يجري فيه التجزية بوجه. وأشار بقوله تعالى في علو كنهه أن حقيقته أعلى من منال أفكار البشر وهذا مقدمة لتفسير التوحيد الذي سأل عنه السائل أي دليل كون الوحدة صفة خاصة به تعالى أن ذاته تعالت عن فكرنا ونحن لا نتعقل شيئا واحدا لا يدخله التجزى بوجه. (ش) 2 - قوله: «فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد» الظاهر أن الحصر في كلام الكليني إضافي بالنسبة إلى المعنى الآخر وهو الجسم المصمت الذي لا جوف له وهو تشبيه وتجسيم تعالى الله عنه. وقد نقلوا في تفسير الصمد قريبا من عشرين قولا على ما في البحار ومرآة العقول منها قول محمد بن الحنفية: الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره. ومنها قول زيد بن على (عليه السلام):
الصمد الذي إذ أراد شيئا قال له: كن فيكن، ومنها قول الحسين بن على (عليهما السلام) أن قوله تعالى: (لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد) تفسير الصمد. ومنها الصمد: الذي لا يأكل ولا يشرب. ولا فائدة في نقل جميع ما ذكر، ومرجع الجميع إلى شيء واحد، كما قال المجلسي رحمه الله. (ش)
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست