شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٢
فيماثله الأعراض، ولا بمخلوق فيقع عليه الصفات ولا بمنعوت فيشاركه سائر الذوات.
(ولا ضد له) يدل عليه أيضا أن ربنا خالق الأضداد كلها فلو كان له ضد لكان هو ضدا لضده فيكون خالقا لنفسه ولضده وذلك محال، وأيضا المضادة من الأمور الإضافية التي تتوقف على وجود الغير فلو كان له ضد لكان وجوده تعالى متعلقا بوجود غيره (1) فلا يكون واجب الوجود، هذا خلف (ولا ند) الند - بالكسر - مثل الشيء في الحقيقة الذي يناده أي يخالفه في أموره من «ند البعير» إذا نفر واستعصى وذهب على وجهه شاردا (ولا كيف ولا نهاية) الكيفيات حالات وصفات عارضة لشيء ما، وقد عرفت مرارا أنه تعالى لا يحل فيه شيء ولا يتصف بصفات، والنهاية غاية لامتداد يقف عندها ولا امتداد فيه جل شأنه (ولا بصار بصر) لاستحالة أن يكون له قوة باصرة يبصر بها المبصرات، وفي بعض النسخ «ولا ببصار ببصر» بزيادة الباء على البصار والبصر، وفي بعضها «ولا تبصار بصر» على صيغة التفعال وإضافته إلى بصر (ومحرم على القلوب أن تمثله) مثله تمثيلا صوره حتى كأنه ينظر إليه، وكل من مثله فقد ألحد عنه إذ كل ما له مثل فليس هو الواجب لذاته; لأن المثلية إن تحققت من كل وجه فلا تعدد، وإن تحققت في تمام الحقيقة لزم تعدد الواجب، وإن تحققت في جزئها لزم تركيبه، وإن تحققت في عارض لزم حلول العرض فيه، وكل ذلك محال (وعلى الأوهام أن تحده) إذ ليس له ذاتيات ولا نهايات فلا يجري فيه الحد العرفي واللغوي أصلا.
(وعلى الضمائر أن تكونه) أي تتصور هويته وماهيته اللائقة به إذ تضل الضماير في أمواج تيار إدراك ذاته وتكل البصائر عن مشاهدة عظمة وجوده وصفاته (جل وعز عن أدات خلقه) لعل الأدات بفتح الهمزة وهي الآلة مثل السامعة والباصرة واللامسة وغيرها من القوى الحيوانية المشهورة وغير المشهورة.
فإن قلت: مد التاء في الأدات يمنع أن يراد منها الآلة; لأن الأداة بمعنى الآلة إنما هي بالتاء المدورة.
قلت: الأمر فيه هين سيما إذا كان المقصود رعاية المناسبة بينها وبين السمات.
وقال سيد المحققين الإدات هنا بكسر الهمزة بمعنى إثقال الخلق وإحماله وهي الصفات والهويات الزايدة والمهيات والأنيات الفاقرة والكميات والكيفيات الباطلة في حد ذواتها، أو بمعنى

1 - ويأتي أن شاء الله بيانه. (ش)
(٢٢)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست