شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٧
الكائنات وأنه غير مختلف ولا مؤتلف ولا متجزي ولا متوهم بالقلة والكثرة.
(فقولك) الفاء للتفريع (إن الله قدير خبرت) أي خبرت به على حذف العائد. قال الجوهري:
أخبرته بكذا وخبرته بمعنى (أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة) أي بهذه الكلمة وهي «الله قدير» فاللام للعهد (العجز) على وجه العموم يعني أنه ليس عاجزا عن شيء من الأشياء فقدرته عبارة عن نفي العجز عنه مطلقا لا أنها صفة زائدة عليه قائمة به، بخلاف قدرة غيره فإنها صفة قائمة به وبينها وبين العجز نوع مصاحبة وملاءمة، فإن الممكن وإن كان ذا قدرة موصوف بالعجز قطعا (وجعلت العجز سواء) وزايدا عليه غير متطرق إليه أصلا.
ووجه ذلك التفريع أنه لما بين سابقا أن الله تعالى كان ولم يكن معه شيء وأنه القديم وحده وأنه واحد لا يتجزى ولا يأتلف، ظهر أن صفاته كلها راجعة إلى سلب أضدادها عنه لا إلى إثبات أمر له; لأن ذلك ينافي جميع الأمور المذكورة، وهذا مذهب الحكماء وصرح به بهمنيار في التحصيل وذهب إليه الإمامية والمعتزلة. (1) وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقالت الأشاعرة: صفاته أمور موجودة قديمة زائدة على ذاته تعالى قائمة بها. ويلزمهم مفاسد كثيرة في الزبر الحكمية والكتب الكلامية.
منها أنه يلزم خلوه عن الكمال واتصافه بالنقص في مرتبة ذاته الحقة وعليته المتقدمة. ومنها أنه يلزم أن يكون محلا لأعراض ينفعل عنها ويستكمل بها. ومنها أنه يلزم عليه الانتقال من حال إلى حال.

1 - قوله «ذهبت إليه الإمامية والمعتزلة» بين كلام الإمامية والمعتزلة فرق; لأن المعتزلة قائلون بنفي الصفات، والإمامية قائلون بإثباتها وكونها عين الذات، وبينهما اشتراك في نفي الصفات الزائدة على الذات على ما يدعيه الأشاعرة ويثبتون القدماء الثمانية زائدة على ذات الواجب، وقد مر في الجزء الثالث في الصفحة 326 أن إرجاع صفات الواجب إلى نفي أضدادها غير صحيح بتمام معنى الكلمة; لأن نفي النقص لا يوجب إثبات الكمال مطلقا، مثلا: الجمادات فاقدة لصفات العلم والقدرة والسمع والبصر ولأضدادها أيضا لعدم الشأنية فلا يقال: الجدار أعمى أو أصم أو أمي عاجز، ثم إن الحكماء موافقون للإمامية حتى أهل السنة منهم. (ش)
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست