شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٦
متفرع على السابق أيضا.
فإن قلت: تفريع المعطوف عليه على السابق ظاهر، وأما تفريع المعطوف فغير ظاهر لعدم اشتمال السابق عليه.
قلت: من البين أن الاختلاف والايتلاف لا زمان للقلة والكثرة وإذا ثبت أن اللازم غير لايق به فقد ثبت أنه لا يجوز وصفه بالملزوم.
وقال سيد المحققين: إنه عطف على صدر الجملة السابقة لا على متعلق القول منها، وهذه الجملة كالتعليل للجملة السابقة أي الله سبحانه ليس داخلا في جنس القلة والكثرة والقليل والكثير، ومن البين أنه لا يصح أن يقال: مؤتلف إلا لما كان داخلا في جنس الموصوف بالقلة والكثرة.
(ولكنه القديم في ذاته) دون غيره وهذا تأكيد للسابق لأن قدمه يقتضي عدم اتصافه بالاختلاف والايتلاف والقلة والكثرة، وإنما قال «في ذاته» للإشعار بأنه ليس له صفات زائدة على ذاته.
(لأن ما سوى الواحد متجزي والله واحد لا متجزي ولا متوهم بالقلة والكثرة) حجة لقوله «لا يليق به الاختلاف» أو لقوله «فلا يقال الله مؤتلف» وما بعده، أو للحصر المستفاد من قوله: «ولكنه القديم» يعني أن ما سوى الواحد الحق متجزي بالمهية والوجود والعوارض والكيفيات، والله جل شأنه واحد من جميع الجهات لا يتجزي بحسب الذات والصفات ولا يتوهم اتصافه بالقلة والكثرة; لأن التجزية والاتصاف بالقلة والكثرة يستلزمان الحاجة والنقصان اللازمين لطبيعة الإمكان.
لا يقال: قوله «واحد» ينافي قوله «ولا متوهم بالقلة والكثرة»; لأن الواحد مبدأ للكثرة عاد لها فلا محالة تلحقها الكثرة الإضافية فإن كل واحد بهذا المعنى هو قليل بالنسبة إلى الكثرة التي يكون مبدأ لها.
لأنا نقول: ليس المراد بالواحد هنا ما هو مبدأ للكثرة تعد به ولو كان كذلك لكان من جملة الآحاد المعدودة وكان داخلا في الكم المنفصل تعالى الله عن ذلك، بل هو تعالى واحد بمعنى أنه لا ثاني له في الوجود وأنه لا كثرة في ذاته بوجه لا ذهنا ولا خارجا وأنه لم يفته شيء من كماله بل كل ما ينبغي له فهو له بالذات والفعل (وكل متجزي أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له; لأن كل متجزي ممكن مفتقر في وجوده ووجود أجزائه وانضمام بعضها إلى بعض إلى خالق وكذلك كل متصف بالقلة والكثرة فقد ثبت من هذه المقدمات (1) أن الله تعالى هو القديم وحده وأنه المبدأ لجميع

١ - قوله «فقد ثبت من هذه المقدمات» كلام الإمام يشير إلى نفى الجوهر الفرد، وبيان ذلك: أن الموجود إما واجب أو ممكن، والممكن إما جوهر أو عرض، وأيضا إما مجرد أو مادي. أما العرض فلا يتوهم كونه أزليا واجبا لاحتياجه إلى الموضوع.
وأما الجوهر فإما أن يكون مركبا أو بسيطا ولا يتوهم كون المركب واجبا لاحتياجه إلى أجزائه وأما البسيط المادي وهو الجوهر الفرد أي الجزء الذي لا يتجزأ، إن كان موجودا كان متعددا، فإن كان كل واحد واجبا لزم تعدد الواجب، وإن كان أحدها واجبا كان ترجيحا من غير مرجح، وإن كان المجموع واجبا لزم التركيب في الواجب، وكذلك البسيط المجرد كالعقول والنفوس يحتمل الكثرة والقلة من حيث العدد، فثبت أن ما سوى الواجب تعالى متجز إن كان مركبا، واحتمل القلة والكثرة إن كان بسيطا والواحد غير المتجزي، ولا المحتمل للقلة والكثرة منحصر في ذات واجب الوجود تعالى. والحق أن الجوهر الفرد غير موجود وإن كل جسم ينقسم إلى غير النهاية. (ش)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست