شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٣
الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف وإنما الكيفية للمخلوق المكيف وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزا. فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا ببصار بصر. ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده وعلى الضمائر أن تكونه جل وعز عن أدات خلقه وسمات بريته، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
* الشرح:
(محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري) هذا الحديث مذكور (1) في كتاب التوحيد للصدوق - رحمه الله - مسندا قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق - رحمه الله - قال:
حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي: حدثني محمد بن بشير، عن أبي هاشم الجعفري (قال: كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه) المراد بالأسماء ما دل على ذاته المقدسة مثل الله ولفظ «هو» الدال على الهوية المطلقة الصرفة الحقة وبالصفات ما دل على الذات الملحوظة معها صفة مخصوصة مثل الرحمن والرحيم والعالم والعليم والقادر والقدير وأمثال ذلك، ويحتمل أن يراد بالأسماء ما يحمل على الذات من المشتقات مثل العالم والقادر، وبالصفات المعنى المشتق منه مثل العلم والقدرة (وأسماؤه وصفاته هي هو) هذا هو الغرض من السؤال بقرينة المقام والجواب وليس الغرض من السؤال استعلام أن له أسماء وصفات في كتابه أيضا; لأن ذلك معلوم لكل من له مسكة من العقل ومتابعة للشرع (فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن لهذا الكلام وجهين) وعني أن له وجهين، ابتداء، ولا ينافي ذلك أن له ثلاثة أوجه باعتبار أن أحد الوجهين يحتمل أمرين وبيان احتماله لهذه الوجوه على سبيل الإجمال أن قوله: «أسماؤه وصفاته هي هو» دل بحسب المنطوق على اتحادها معه وبحسب المفهوم على أزليتها، ثم على تقدير أن يكون مراد السائل أزليتها يحتمل أن يكون مراده أزلية علمه تعالى بها وأن يكون مراده أزلية نفسها فأشار (عليه السلام) إلى بطلان الأول والثالث وصحة الثاني بقوله (ان كنت تقول هي هو أي أنه) (2) أي الله جل

١ - قوله «هذا الحديث مذكور» وهو معجز من معجزات الإمام (عليه السلام) عند العارف الخبير إذ لا يمكن التنبه لهذه الدقائق يغير التعليم إلا للحجة المنصوب من الله تعالى وهو أقوى في الدلالة على علمهم (عليهم السلام) من الحديث المروي عنه في حكم الصيد للمحرم في بحثه مع يحيى بن أكثم في مجلس المأمون. (ش) ٢ - قوله «إن كنت تقول هي هو أي أنه ذو عدد وكثرة» النظر إلى الألفاظ على وجهين الأول النظر إليها باعتبار وجودها في نفسه وهو أصوات مقطعة خارجة من الرية والحلقوم والفم والشفاه. والثاني النظر إليها باعتبار حكايتها عن المعاني، وهذا نظير الصكوك والأوراق المالية، تارة ينظر إليها باعتبار أنها قراطيس منقوشة وأخرى باعتبار حكايتها عن الذهب والفضة، فكما يختلف حكم المعاملات والبيوع إذا اختلف النظر كذلك يختلف حكم الحدوث والقدم في أسماء الله تعالى باعتبارين، فإن اعتبرت الألفاظ من حيث هي لفظ فهي حادثة البتة لأن الأسماء متعددة حسب اختلاف الحروف فلو كانت قديمة لزم تعدد القدماء وثبت شريك للباري تعالى في القدم، وإن اعتبرت من حيث حكايتها عن المبدأ الأول لم يتعدد لأن الاعتبار بالمحكي وهو واحد، كما أنك إن اشتريت طوابع البريد لنقشها وقدمتها بأضعاف القيمة المكتوبة عليها لم يكن ربا إذ قد اشتريت قرطاسا وإن اشتريت الطوابع باعتبار حكايتها عن مقدار من المال المكتوب عليها بأكثر من قيمتها لم يجز لأنك قد اشتريت المال المحكي عنه بأكثر منه، وبالجملة يختلف الحكم عقلا وشرعا وعرفا باختلاف الاعتبارات ولافرق في بطلان الحكم بقدم الأسماء بين إن يقال هذه الألفاظ عين ذات الباري أو يقال هي معه تعالى في الأزل. (ش)
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست