شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٣
إثقال المخلوقات وإتعابها إياه في خلقها وإعطائها مؤن الوجود وكمالاتها، وهي جمع إدة بكسر الهمزة وتخفيف الدال المهملة المفتوحة، إما اسم الحاصل بالمصدر أو مصدر وأده يئده، والجمعية بحسب تكثر المضاف إليه، إذ المعنى المصدري يتكثر له حصص بتكثر ما يضاف إليه وإن لم يكن يتصور له حصص متكثرة بحسب نفسه لا من تلقاء الإضافة وأصلها الوأد وهو الثقل كما أن عدات جمع عدة وأصلها الوصف، أو هي بالكسر أيضا جمع الأدي بفتح الهمزة وكسر الدال المهملة وتشديد الياء المثناة من تحت بمعنى الأهبة، أو هي بالكسر لفظة مفردة معناها المعونة وهي في الأصل مصدر آديته إذا أعنته. هذا كلامه مع تغيير يسير فتأمل فيه (وسمات بريته) السمات جمع سمة وهي علامة يعرف بها، يعني أنه جل وعز عن علامات بريته وخواصها من الأين والأينيات والكيف والكيفيات والأشباح وسائر الصفات والحيثيات التابعة لطبيعة الإمكان والناشئة من القوى الجسمانية والتصرفات النفسانية في الحيوان (وتعالى عن ذلك علوا كبيرا) لاستحالة المماثلة بينه وبين خلقه في شيء من الأمور المذكورة وإلا لما كان بينه وبينهم فصل ولا له عليهم فضل فيستوي الصانع والمصنوع، وتكافي البديع والمبتدع، وهو باطل بالضرورة العقلية، والتنبيهات النقلية، والبراهين الشرعية.
* الأصل:
8 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل عنده: الله أكبر فقال: الله أكبر من أي شيء؟ فقال: من كل شيء، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): حددته فقال: الرجل: كيف أقول؟ قال: قل: الله أكبر من أن يوصف.
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الرجل عنده: الله أكبر فقال: أكبر من أي شيء) الغرض استعلام حاله هل يعلم ذلك أم لا (فقال: من كل شيء) (1); لأن عظمته ذاتية مطلقة فإذا اعتبرت فيه الإضافة لحقته على الإطلاق غير مقيدة ببعض

١ - قوله: «فقال من كل شيء» وذلك لأن الظاهر المتبادر من لفظة «أكبر» وكل ما هو مشتق من الكبر العظمة الجسمانية ووظيفة المخاطب حمل الكلام على الظاهر المتبادر حتى يثبت خلافه بالدليل، وقد اتفق علماؤنا في التوحيد على تأويل ما ظاهره يعطي التجسيم وإن كان التأويل على خلاف الأصل، ولا ريب أن الظاهر حجة فيما يتعلق بالعمل ويحصل منه اليقين بضم مقدمة عقلية وهي أن الله تعالى لا يمكن أن يريد غير ما يدل عليه ظاهر كلامه مثلا قوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) ظاهره وجوب غسل الوجوه والأيدى بالماء ويحصل اليقين لنا بأنه المراد فإنه تعالى حكيم عادل عالم لا يأمر بشيء لا يفهمه المخاطب بخلاف أصول الدين إذ لعله تعالى لم يرد ظاهر كلامه ولا يكون في عدم فهم المخاطب غائلة ومفسدة فيجب فيه التوقف إلى أن يتبين فكان يجب على من سمع قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ) مثلا أو (يد الله مبسوطة) التوقف في معناه حتى يسمعوه ممن قوله حجة; لأن الظاهر لا يفيد إلا الظن ولا معنى للتعبد به في أصول الدين إلا أن من حصل له الظن وجب عليه أن يكون له الظن وهو تحصيل الحاصل إذ الظن حاصل له قهرا ولا يمكن أن يقال: من حصل له الظن وجب عليه اليقين، فإنه محال لا يتعلق به التكليف. (ش)
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست