ونسبهما للقاضي. فهل تقبل شهادتهما على شهادتهما؟ قال الأئمة الأربعة وكافة الفقهاء:
لا تقبل شهادتهما. وحكى عن ابن جرير الطبري: أنه أجاز ذلك، مثل أن يقول: نشهد أن رجلا عدلا أشهدنا على شهادته: أن فلان ابن فلان أقر لفلان ابن فلان بألف درهم.
فصل: إذا شهد شاهدان بمال، ثم رجعا بعد الحكم به. قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في القديم وأحمد: عليهما الغرم. وقال الشافعي في الجديد: لا شئ عليهما.
واتفقوا على أنه لا ينقض الحكم الذي حكم بشهادتهما فيه، وأنهما إذا رجعا قبل الحكم لم يحكم بشهادتهما.
وإذا حكم حاكم بشهادة فاسقين ثم علم بعد الحكم حالهما. قال أبو حنيفة: لا ينقض حكمه. وقال مالك وأحمد: ينقض حكمه. وللشافعي قولان. أحدهما: ينقضه.
والثاني: لا ينقضه.
واختلفوا في عقوبة شاهد الزور. فقال أبو حنيفة: لا تعزير عليه، بل يوقف في قومه، ويقال لهم: إنه شاهد زور. وقال مالك والشافعي وأحمد: يعزر ويوقف في قومه، ويعرفون أنه شاهد زور. وزاد مالك، فقال: ويشهر في الجوامع والأسواق ومجامع الناس. انتهى.
المصطلح: وهو نوعان:
أحدهما: بيان معرفة حفظ الرسم. وما يحتاج إليه العدل من معرفة رسم شهادته في الوقائع على اختلاف أنواعها، من الأقارير، والمبايعات، والتمليكات والإجارات، والأصدقة، والأوقاف، والوصايا، وغير ذلك. مما هو واقع بين الناس، وبيان معرفة ما يحتاج إليه موقع الحكم من معرفة اصطلاح الاشهاد، والاسجال، والسجل، والمحاضر، والمناقلات، وفروض النفقات، والبعديات، وصور الدعاوي، والمجالس، والتنافيذ، وتنافيذ التنافيذ، وغير ذلك مما يضع به موقع الحكم خطه.
الثاني: في بيان ما تقوم به البينة عند القاضي، وما يجري تحت تحمل شهادة الشاهد على اختلاف الحالات والوقائع. وذلك محصور في قسمين.
القسم الأول: ما تقوم به البينة قبل الدعوى بإذن الحاكم. وذلك لا يكون إلا في صفة المحاضر. وهذا القسم هو المقصود المحصور في هذا الباب.
والقسم الثاني: ما تقوم به البينة عند الحاكم بعد الدعوى، وما يترتب عليها.