جواهر العقود - المنهاجي الأسيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٩
عنه: إنه يأتينا منك كتب، ليس لها تاريخ. فأرخ لتستقيم الأحوال. فأرخ وقيل: رفع إلى عمر صك محله شعبان. فقال: أي شعبان هذا؟ الذي نحن فيه، أم الماضي، أم الذي يأتي؟.
وقيل: أول من أرخ: يعلى بن أمية. كتب إلى عمر رضي الله عنه من اليمن كتابا مؤرخا. فاستحسنه. وشرع في التاريخ.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لما عزم عمر رضي الله عنه على التاريخ: جمع الصحابة واستشارهم. فقال سعد بن أبي وقاص: أرخ لوفاة رسول الله (ص). وقال طلحة: أرخ لمبعثه، وقال علي بن أبي طالب: لهجرته. فإنها فرقت بين الحق والباطل.
وقال آخرون: لمولده. وقال قوم: لنبوته. وكان ذلك في سنة سبع عشرة من الهجرة.
وقيل: سنة ست عشرة. فاتفقوا على أن يؤرخوا بالهجرة. ثم اختلفوا فيما يبدأون به من الشهور. فقال عبد الرحمن بن عوف: ابدأ برجب. فإنه أول الأشهر الحرم. وقال طلحة:
ابدأ برمضان. فإنه شهر الأمة. وفيه أنزل القرآن. وقال علي: ابدأ بالمحرم. لأنه أول السنة. ومن الأشهر الحرم. وقيل: إنما أشار بالمحرم عثمان بن عفان رضي الله عنهم.
فاستقر الحال على ذلك. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قد ذكر الله التاريخ في كتابه. فقال تعالى: * (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) * وقال قتادة في تفسير الآية: جعلها الله تعالى مواقيت لصوم المسلمين، وإفطارهم، وحجهم ومناسكهم. وعدد نسائهم، وغير ذلك والله أعلم بما يصلح خلقه انتهى.
هذا آخر ما انتقيناه من جواهر العقود، ونهاية ما أردناه من تقرير مصطلح الموقعين والشهود، الجاري على الرسم المعهود. وإنه لكتاب اشتمل على مادة من العالم وافرة، وخص من الفوائد بجملة إذا تصرف المتصرف فيها أحرز الجواهر الفاخرة، مطالعه لا يحتاج مع سلوك منهاجه القويم إلى تنبيه. ولا يفتقر في مؤاخاة الاسترشاد به إلى كاف تشبيه.
وأنا أناشد الله تعالى من وقف عليه من حبر بليغ القلم منيره، أو بحر اللسان غواصه، والكلام جوهره: أن يعاملني عند الوقوف عليه بإغضائه وصفحه، وأن يسدد ما يقع عليه طرف تأمله وانتقاده من الخلل، كاشفا ظلام عيني بإسفار صبحه، وتمحيص نصحه، حاملا كل قول يستغربه أو يستهجنه على أحسنه، رادا كل لفظة فظة إلى أوضح معنى وأبينه، فأي جواد لا يكبو؟ وأي سيف لا ينبو؟
ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها كفى المرء فضلا أن تعد معايبه والخلق يتفاضلون في العلم والادراك. والعاقل يحتاج إلى منبه يحذره مدارك التعقب والاستدراك. وقصارى مؤلفه الفقير الحقير الاعتراف بما لديه من العجز والتقصير، وأن خطوه في سلوك هذا المرتقى الوعر قصير. وهو يستغفر الله مما طغى به القلم. وحاول إدراك شأو المتقدمين فيه فلم.
والحمد لله رب العالمين، أولا وآخرا، وباطنا وظاهرا. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. صلاة دائمة باقية إلى يوم الدين. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول وقوة إلا بالله العلي العظيم.
قال مؤلفه: فسح الله في مدته: كان الفراغ من تأليفه في اليوم المبارك، الموفى للثلاثين من شهر جمادى الأولى من شهور سنة خمس وستين وثمانمائة.
وكان الفراغ من هذه النسخة المباركة في يوم الأحد ثاني رجب الفرد من شهور سنة تسع وثمانين وثمانمائة. أحسن الله فراغها في خير وعافية بالجامع الأزهر المعمور بذكر الله، على يد العبد الفقير، المعترف بالعجز والتقصير، الراجي عفو ربه القدير: ناصر بن أحمد بن علي الدمياطي الشافعي. غفر الله تعالى له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والأموات. إنه قريب مجيب الدعوات. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على خير خلقه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب النكاح 3
2 الخلاف المذكور في مسائل الباب 11
3 باب ما يحرم من النكاح 16
4 الخلاف المذكور في مسائل الباب 20
5 باب نكاح المشرك 23
6 الخلاف المذكور في مسائل الباب 27
7 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 28
8 الخلاف المذكور في مسائل الباب 32
9 كتاب الصداق 33
10 الخلاف المذكور في مسائل الباب 35
11 باب القسم والنشوز 39
12 الخلاف المذكور في مسائل الباب 41
13 كتاب الخلع 89
14 الخلاف المذكور في مسائل الباب 91
15 كتاب الطلاق 100
16 الخلاف المذكور في مسائل الباب 102
17 كتاب الرجعة 122
18 الخلاف المذكور في مسائل الباب 123
19 كتاب الإيلاء 126
20 الخلاف المذكور في مسائل الباب 127
21 كتاب الظهار 133
22 الخلاف المذكور في مسائل الباب 135
23 كتاب اللعان 139
24 الخلاف المذكور في مسائل الباب 141
25 كتاب العدد 146
26 الخلاف المذكور في مسائل الباب 151
27 كتاب الاستبراء 157
28 الخلاف المذكور في مسائل الباب 158
29 كتاب الرضاع 161
30 الخلاف المذكور في مسائل الباب 163
31 كتاب النفقات 169
32 الخلاف المذكور في مسائل الباب 173
33 كتاب الحضانة 188
34 الخلاف المذكور في مسائل الباب 190
35 كتاب الجراح 200
36 الخلاف المذكور في مسائل الباب 205
37 باب كيفية القصاص ومستوفيه، وإخلاف فيه 209
38 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 212
39 الخلاف المذكور في مسائل الباب 212
40 كتاب الديات 216
41 الخلاف المذكور في مسائل الباب 218
42 باب دعوى الدم والقسامة 224
43 الخلاف المذكور في مسائل الباب 225
44 كتاب الأيمان 253
45 الخلاف المذكور في مسائل الباب 258
46 كتاب القضاء 280
47 باب أدب القاضي 284
48 باب القضاء على الغائب 287
49 الخلاف المذكور في مسائل الباب 288
50 كتاب القسمة 329
51 الخلاف المذكور في مسائل الباب 331
52 كتاب الشهادات 347
53 الخلاف المذكور في مسائل الباب 350
54 كتاب الدعوى والبينات 395
55 الخلاف المذكور في مسائل الباب 397
56 كتاب العتق 421
57 الخلاف المذكور في مسائل الباب 423
58 كتاب التدبير 435
59 الخلاف المذكور في مسائل الباب 436
60 كتاب الكتابة 438
61 الخلاف المذكور في مسائل الباب 439
62 كتاب أمهات الأولاد 448
63 الخلاف المذكور في مسائل الباب 449
64 خاتمة 458