النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤
الحصول الثاني في المكان الأول، فيكون مسبوقا بالحصول الأول بالضرورة.
وأما أن كل ما لا يخلو من الحوادث، فهو حادث: فلأنه لو لم يكن حادثا لكان قديما وحينئذ إما أن يكون معه في تقدم شئ من تلك الحوادث اللازمة له، أو لا يكون، فإن كان الأول لزم اجتماع القدم والحدوث معا في شئ واحد، وهو محال، وإن كان الثاني يلزم بطلان ما علم بالضرورة، وهو امتناع انفكاك الحوادث عنه، وهو محال.
وأما الأعراض، فلأنها محتاجة في وجودها إلى الأجسام، والمحتاج إلى المحدث أولى بالحدوث.
وأما بيان الدعوى الثانية: فهو أن المحدث لما اتصف ماهيته بالعدم تارة، وبالوجود أخرى كان ممكنا، فيفتقر إلى المؤثر: فإن كان مختارا، فهو المطلوب وإن كان موجبا، لم يتخلف أثره عنه، فيلزم قدم أثره، لكن ثبت حدوثه، فيلزم حدوث مؤثره للتلازم، وكلا الأمرين محال.
فقد بان أنه لو كان الله تعالى موجبا (1)، لزم إما قدم العالم، أو حدوث الله تعالى، وهما باطلان، فثبت أنه تعالى قادر ومختار، وهو المطلوب (2).

(١) قال الشيخ الطوسي (صانع العالم لا يخلو من أن يكون قادرا أو موجبا وهو علة أو سبب ولا يجوز أن يكون علة أو [ولا] سببا لأنهما لا يخلوان من أن يكونا قديمين أو محدثين، فلو كان محدثين لاحتاجا إلى علة أخرى أو سبب أخر وذلك يؤدي إلى ما لا نهاية له من العلل والأسباب، وإن كانا قديمين وجب أن يكون العالم قديما لأن العلة بموجب معلولها في الحال والسبب يوجب المسبب إما في المال أو الثاني وكلاهما يوجبان قدم الأجسام وقد دللنا على حدوثها فبطل بذلك أن يكون صانع العالم موجبا ولم يبق بعد ذلك إلا أن يكون مختارا له صفة القادرين (م) (الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد ص 54).
(2) حكي [...] عن السيد المرتضى والشيخ الطوسي رضي الله عنهما أنهما ممن نفى قدرة الباري تعالى قالا أنه خلاف الحق وقولهما رحمهما الله بذلك عجيب (شرح ط).
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست