بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٨٨
يستأجر من يعمل في المال لأنه من عادة التجار وضرورات التجارة أيضا لان الانسان قد لا يتمكن من جميع الاعمال بنفسه فيحتاج إلى الأجير وله أن يستأجر البيوت ليجعل المال فيها لأنه لا يقدر على حفظ المال الا به وله أن يستأجر السفن والدواب للحمل لان الحمل من مكان إلى مكان طريق يحصل الربح ولا يمكنه النقل بنفسه وله أن يوكل بالشراء والبيع لان التوكيل من عادة التجار ولأنه طريق الوصول إلى المقصود وهو الربح فكان بسبيل منه كالشريك ولان المضاربة أعم من الوكالة ويجوز أن يستفاد بالشئ ما هو دونه بخلاف الوكالة المفردة أن الوكيل لا يملك أن يوكل غيره بمطلق الوكالة الا إذا قيل له اعمل برأيك لان المقصود من ذلك ليس هو التجارة وحصول الربح بل ادخال المبيع في ملكه وكذا الوكالة الثانية مثل الأولى والشئ لا يستتبع مثله وكل ما للمضارب أن يعمل بنفسه فله أن يوكل فيه غيره وكل مالا يكون له أن يفعله بنفسه لا يجوز فيه وكالته على رب المال لأنه لما لم يملك أن يعمل بنفسه فبوكيله أولى وله أن يرهن بدين عليه في المضاربة من مال المضاربة وأن يرتهن بدين له منها على رجل لان الرهن بالدين والارتهان من باب الايفاء والاستيفاء وهو يملك ذلك فيملك الرهن والارتهان وليس له أن يرهن بعد نهى رب المال عن العمل ولا بعد موته لان المضاربة تبطل بالنهي والموت الا في تصرف ينضر به رأس المال والرهن ليس تصرفا ينضر به رأس المال فلا يملكه المضارب ولو باع شيئا وأخر الثمن جاز لان التأخير للثمن عادة التجار وأما على أصل أبي حنيفة عليه الرحمة فلان الوكيل بالبيع يملك تأخير الثمن فالمضارب أولى لان تصرفه أعم من تصرف الوكيل الا أن الوكيل بالبيع إذا أخر الثمن يضمن عندهما والمضارب لا يضمن لان المضارب يملك أن يستقبل ثم يبيع نسيئة فيملك التأخير ابتداء فلم يضمن فأما الوكيل فلا يملك الإقالة ثم البيع بالنسيئة فإذا أخر ضمن (وأما) عند أبي يوسف فإنما جاز تأخير المضارب دون الوكيل هذا المعنى أيضا وهو أن المضارب يملك أن يشترى السلعة أو يستقيل فيها ثم يبيعها نساء فيملك تأخير ثمنها والوكيل لا يملك ذلك وله أن يحتال بالثمن على رجل موسرا كان المحتال عليه أو معسر الان الحوالة من عادة التجار لان الوصول إلى الدين قد يكون أيسر من ذمة المحال عليه منه من ذمة المحيل بخلاف الوصي إذا احتال بمال اليتيم ان ذلك إن كان أصلح جاز وإلا فلا لان تصرف الوصي في مال اليتيم مبنى على النظر وتصرف المضارب مبنى على عادة التجار قال محمد وله أن يستأجر أرضا بيضاء ويشترى ببعض المال طعاما فيزرعه فيها وكذلك له أن يقلبها ليغرس فيها نخلا أو شجرا أو رطبا فذلك كله جائز والربح على ما شرطا لان الاستئجار من التجارة لأنه طريق حصول الربح وكذا هو من عادة التجار فيملكه المضارب وللمضارب أن لا يسافر بالمال لان المقصود من هذا العقد استنماء المال وهذا المقصود بالسفر أو فرو لأن العقد صدر مطلقا عن المكان فيجرى على اطلاقه ولان مأخذ الاسم دليل عليه لان المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض وهو السير قال الله تبارك وتعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ولأنه طلب الفضل وقد قال الله تعالى عز شأنه وابتغوا من فضل الله وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف في رواية محمد عنه وفي رواية أصحاب الاملاء عنه ليس له أن يسافر وروى عنه انه فرق بين الذي يثبت في وطنه وبين الذي لا يثبت وبين ماله حمل ومؤنة وبين مالا حمل له ولا مؤنة في الشركة فالمضارب على ذلك وقد ذكرنا وجه كل واحد من ذلك في كتاب الشركة وقد قال أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله انه إذا دفع إليه المال بالكوفة وهما من أهليها فان أبا حنيفة قال ليس له أن يسافر بالمال ولو كان الدفع في مصر آخر غير الكوفة فللمضارب أن يخرج به حيث شاء وقد ذكرنا وجه الرواية المشهورة في كتاب الشركة (وأما) وجه رواية أبى يوسف عنه فهو ان المسافرة بالمال مخاطرة به فلا يجوز الا باذن رب المال نصا أو دلالة فإذا دفع المال إليه في بلدهما فلم يأذن له بالسفر نصا ولأدلة لم يكن له أن يسافر وإذا دفع إليه في غير بلدهما فقد وجد دلالة الاذن بالرجوع إلى الوطن لان العادة ان الانسان لا يأخذ المال مضاربة ويترك بلده فكان دفع المال في غير بلدهما رضا بالرجوع إلى الوطن فكان اذنا دلالة وله أن يأذن لعبيد المضاربة بالتجارة في ظاهر الرواية لان الاذن بالتجارة
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283