بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٨٧
المال بالمال (أما) الذي يرجع إلى حال المضارب في عقد المضاربة فهو أن رأس المال قبل أن يشترى المضارب به شيئا أمانة في يده بمنزلة الوديعة لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة فإذا اشترى به شيئا صار بمنزلة الوكيل بالشراء والبيع لأنه تصرف في مال الغير بأمره وهو معنى الوكيل فيكون شراؤه على العروف وهو أن يكون بمثل قيمته أو بما يتغابن الناس في مثله كالوكيل بالشراء وبيعه على الاختلاف المعروف في الوكيل بالبيع المطلق ولو اشترى شراء فاسدا يملك إذا قبض لا يكون مخالفا ويكون الشراء على المضاربة وكذا إذا باع شيئا من مال المضاربة بيعا فاسدا لا يصير مخالفا ولا يضمن لان المضاربة توكيل والوكيل بالشراء والبيع مطلقا يملك الصحيح والفاسد فلا يصير مخالفا فإذا ظهر في المال ربح صار شريكا فيه بقدر حصته من الربح لأنه ملك جزأ من المال المشروط بعمله والباقي لرب المال لأنه نماء ماله فإذا فسدت بوجه من الوجوه صار بمنزلة الأجير لرب المال فإذا خالف شرط رب المال صار بمنزلة الغاصب ويصير المال مضمونا عليه ويكون ربح المال كله بعد ما صار مضمونا عليه له لان الربح بالضمان لكنه لا يطيب له في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعند أبي يوسف رحمه الله يطيب له وهو على اختلافهم في الغاصب والمودع إذا تصرفا في المغصوب والوديعة وربحا ولو أزاد رب المال أن يجعل المال مضمونا على المضارب فالحيلة في ذلك أن يقرض المال من المضارب ويشهد عليه ويسلمه إليه ثم يأخذ منه مضاربة بالنصف أو بالثلث ثم يدفعه إلى المستقرض فيستعين به في العمل حتى لو هلك في يده كان القرض عليه وإذ لم يهلك وربح يكون الربح بينهما على الشرط وحيلة أخرى أن يقرض رب المال جميع المال من المضارب الا درهما واحدا ويسلمه إليه ويشهد على ذلك ثم إنهما يشتركان في ذلك شركة عنان على أن يكون رأس مال المقرض درهما ورأس مال المستقرض جميع ما استقرض على أن يعملا جميعا وشرطا أن يكون الربح بينهما ثم بعد ذلك يعمل المستقرض خاصة في المال فان هلك المال في يده كان القرض على حاله ولو ربح كان الربح بينهما على الشرط (وأما) الذي يرجع إلى عمل المضارب مما له أن يعمله بالعقد وما ليس له أن يعمل به فجملة الكلام فيه أن المضاربة نوعان مطلقة ومقيدة فالمطلقة أن يدفع المال مضاربة من غير تعيين العمل والمكان والزمان وصفة العمل ومن يعامله والمقيدة أن يعين شيئا من ذلك وتصرف المضارب في كل واحد من النوعين ينقسم أربعة أقسام قسم منه للمضارب أن يعمله من غير الحاجة إلى التنصيص عليه ولا إلى قول اعمل برأيك فيه وقسم منه ما ليس له أن يعمل ولو قيل له اعمل فيه برأيك الا بالتنصيص عليه وقسم منه ماله أن يعمله إذا قيل له اعمل فيه برأيك وان لم ينص عليه وقسم منه ما ليس له أن يعمله رأسا وان نص عليه (وأما) القسم الذي للمضارب أن يعمله من غير التنصيص عليه ولا قول اعمل برأيك كالمضاربة المطلقة عن الشرط والقيد وهي ما إذا قال له خذ هذا المال واعمل به على أن ما رزق الله من ربح فهو بيننا على كذا أو قال خذ هذا المال مضاربة على كذا فله أن يشترى به ويبيع لأنه أمره بعمل هو سبب حصول الربح وهو الشراء والبيع وكذا المقصود من عقد المضاربة هو الربح والربح لا يحصل الا بالشراء والبيع الا أن شراءه يقع على المعروف وهو أن يكون بمثل قيمة المشترى أو بأقل من ذلك ما يتغابن الناس في مثله لأنه وكيل وشراء الوكيل يقع على المعروف فان اشترى بمالا يتغابن الناس في مثله كان مشتريا لنفسه لا على المضاربة بمنزلة الوكيل بالشراء (وأما) بيعه فعلى الاختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه رضى الله تعالى عنهم في التوكيل بمطلق البيع أنه يملك البيع نقدا ونسيئة ولا بما لا يتغابن الناس في مثله وهي من مسائل كتاب الوكالة وله أن يشترى ما بدا له من سائر أنواع التجارات في سائر الأمكنة مع سائر الناس لا طلاق العقد وله أن يدفع المال بضاعة لان الابضاع من عادة التجار ولا المقصود من هذا العقد هو الربح والابضاع طريق إلى ذلك ولأنه يملك الاستئجار فالا بضاع أولى لان الاستئجار استعمال في المال بعض والابضاع استعمال فيه بغير عوض فكان أولى وله أن يودع لان الايداع من عادة التجار ومن ضرورات التجارة وله أن
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283