بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٨٢
كان المضارب هو الحربي فرجع إلى داره الحربي فإن كان بغير اذن رب المال بطلت المضاربة وإن كان باذنه فذلك جائز ويكون على المضاربة ويكون الربح بينهما على ما شرطا ان رجع إلى دار الاسلام مسلما أو معاهدا أو بأمان استحسانا والقياس ان تبطل المضاربة (وجه) القياس انه لما عاد إلى دار الحرب بطل أمانه وعاد إلى حكم الحرب كما كان فبطل أمر رب المال عند اختلاف الدارين فإذا تصرف فيه فقد تعدى بالتصرف فملك ما تصرف فيه (وجه) الاستحسان انه لما خرج بأمر رب المال صار كأن رب المال دخل معه ولو دخل رب المال معه إلى دار الحرب لم تبطل المضاربة فكذا إذا دخل بأمره بخلاف ما إذا دخل بغير أمره لأنه لما لم يأذن له بالدخول انقطع حكم رب المال عنه فصار تصرفه لنفسه فملك الامر به وقد قالوا في المسلم إذا دخل دار الحرب بأمان فدفع إليه حربي مالا مضاربة مائة درهم انه على قياس قول أبي حنيفة ومحمد جائز فان اشترى المضارب على هذا وربح أو وضع فالوضيعة على رب المال والربح على ما اشترط ويستوفى المضارب مائة درهم والباقي لرب المال وان لم يكن في المال ربح الا مائة فهي كلها للمضارب وإن كان أقل من مائة فذلك للمضارب أيضا ولا شئ للمضارب على رب المال لان رب المال لم يشترط المائة الامن الربح فاما على قول أبى يوسف فالمضاربة فاسدة وللمضارب أجر مثله وهذا فرع اختلافهم في جواز الربا في دار الحرب لما علم (وأما) الذي يرجع إلى رأس المال فأنواع (منها) أن يكون رأس المال من الدراهم أو الدنانير عند عامة العلماء فلا تجوز المضاربة بالعروض وعند مالك رحمه الله هذا ليس بشرط وتجوز المضاربة بالعروض والصحيح قول العامة لما ذكرنا في كتاب الشركة ان ربح ما يتعين بالتعيين ربح ما لم يضمن لان العروض تتعين عند الشراء بها والمعين غير مضمون حتى لو هلكت قبل التسليم لا شئ على المضارب فالربح عليها يكون ربح ما لم يضمن ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن ومالا يتعين يكون مضمونا عند الشراء به حتى لو هلكت العين قبل التسليم فعلى المشترى به ضمانه فكان الربح على ما في الذمة فيكون ربح المضمون ولان المضاربة بالعروض تؤدى إلى جهالة الربح وقت القسمة لان قيمة العروض تعرف بالحرز والظن وتختلف باختلاف المقومين والجهالة تقضى إلى المنازعة والمنازعة تفضى إلى الفساد وهذا لا يجوز وقد قالوا إنه لو دفع إليه عروضا فقال له بعها واعمل بثمنها مضاربة فباعها بدراهم أو دنانير وتصرف فيها جاز لأنه لم يضف المضاربة إلى العروض وإنما أضافها إلى الثمن والثمن تصح به المضاربة فان باعها بمكيل أو موزون جاز البيع عند أبي حنيفة بناء على أصله في الوكيل بالبيع مطلقا أنه يبيع بالأثمان وغيرها الا أن المضاربة فاسدة لأنها صارت مضافة إلى مالا تصح المضاربة به وهو الحنطة والشعير وأما على أصلهما فالبيع لا يجوز لان الوكيل بالبيع مطلقا لا يملك البيع بغير الأثمان ولا تفسد المضاربة لأنها لم تصرف مضافة إلى مالا يصلح به رأس مال المضاربة (وأما) تبر الذهب والفضة فقد جعله في هذا الكتاب بمنزلة العروض وجعله في كتاب الصرف بمنزلة الدراهم والدنانير والامر فيه موكول إلى التعامل فإن كان الناس يتعاملون به فهو بمنزلة الدراهم والدنانير فتجوز المضاربة به وإن كانوا لا يتعاملون به فهو كالعروض فلا تجوز المضاربة به (وأما) الزيوف والنبهرجة فتجوز المضاربة بها ذكره محمد رحمه الله لأنها تتعين بالعقد كالجياد (وأما) الستوقة فإن كانت لا تروج فهي كالعروض وإن كانت تروج فهي كالفلوس وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف في الدراهم التجارية لا يجوز المضاربة بها لأنها كسدت عندهم وصارت سلعة قال ولو أجزت المضاربة بها أجزتها بمكة بالطعام لأنهم يتبايعون بالحنطة كما يتبايع غير هم بالفلوس (وأما) الفلوس فقد ذكرنا الكلام فيها في كتاب الشركة فالحاصل أن في جواز المضاربة بها روايتين عن أبي حنيفة ذكر محمد في المضاربة الكبيرة في الجامع الصغير وقال لا تجوز المضاربة الا بالدراهم والدنانير عند أبي حنيفة وروى الحسن عنه أنها تجوز والصحيح من مذهب أبي يوسف أنها لا تجوز وعند محمد تجوز بناء على أن الفلوس لا تتعين بالتعيين عنده فكانت أثمانا كالدراهم والدنانير وعند أبي حنيفة وأبى يوسف تتعين فكانت كالعروض (ومنها) أن يكون معلوما فإن كان مجهولا لا تصح المضاربة لان جهالة رأس المال تؤدى إلى جهالة الربح وكون الربح معلوما شرط صحة المضاربة (ومنها)
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283