المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٦٢
السفه في حكم منع المال منه بمنزلة الجنون والعته وذلك يمنع دفع المال إليه بعد خمس وعشرين سنة كما قبله فكذلك السفه وأبو حنيفة استدل بقوله تعالى ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا معناه ان يكبروا يلزمكم دفع المال إليهم وقال الله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم والمراد البالغين فهذا تنصيص على وجوب دفع المال إليه بعد البلوغ الا انه قام الدليل على منع المال منه بعد البلوغ إذا لم يؤنس رشده وهو ما تلوا فان الله تعالى قال حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا وحرف الفاء للوصل والتعقيب فيكون بين ان دفع المال إليه عقيب البلوغ بشرط إيناس الرشد وما يقرب من البلوغ في معنى حالة البلوغ فأما إذا بعد عن ذلك فوجوب دفع المال إليه مطلق بما تلونا غير معلق بشرط ومدة البلوغ بالسن ثمانية عشر سنة فقدرنا مدة القرب منه بسبع سنين اعتبار بمدة التمييز في الابتداء على ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله مروهم بالصلاة إذا بلغوا سبعا ثم قد بينا ان أثر الصبا يبقى بعد البلوغ إلى أن يمضى عليه زمان وبقاء أثر الصبا كبقاء عينه في منع المال منه ولا يبقى أثر الصبا بعد ما بلغ خمسا وعشرين سنة لتطاول الزمان به منذ بلغ ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لم يمنع منه المال لان هذا ليس بأثر الصبا فلا يعتبر في منع المال منه أو منع المال كان على سبيل التأديب له والاشتغال بالتأديب ما لم ينقطع رجاء التأديب فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة ولم يؤنس رشده فقد انقطع رجاء التأديب لأنه يتوهم أن يصير جدا لان البلوغ بالانزال بعد اثنتي عشرة سنة يتحقق فإذا أحبل جاريته وولدت لستة أشهر فإذا ثم إن ولده أحبل جاريته بعد اثنتي عشرة سنة وولدت لستة أشهر صار الأول جدا بعد تمام خمس وعشرين سنة ومن صار فرعه أصلا فقد تناهى في الأصلية فإذا لم يؤنس رشده عرفنا أنه انقطع منه رجاء التأديب فلا معنى لمنع المال منه بعد ذلك والى هذا أشار في الكتاب فقال أرأيت لو بلغ ستين سنة ولم يؤنس منه الرشد وصار ولده قاضيا أو نافلته أكان يحجر على أبيه وحده ويمتنع المال منه هذا قبيح ثم يقول بعد تطاول الزمان به لابد أن يستفيد رشدا اما بطريق التجربة أو الامتحان فإن كان منع المال عنه بطريق العقوبة فقد تمكنت شبهة بإصابة نوع من الرشد والعقوبة تسقط بالشبهة وإن كان هذا حكما ثابتا بالنص غير معقول المعنى فقوله رشدا منكر في موضع الاثبات والنكرة في موضع الاثبات تخص ولا تعم فإذا وجد رشدا ما فقد وجد الشرط فيجب دفع المال إليه وهذا معنى ما نقل عن مجاهد رحمه الله في معنى قوله فان آنستم منهم رشدا
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156