المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٦١
زائدة واطلاق اللسان في التصرفات نعمة أصلية فبان جواز الحاق ضرر يسير به في منع نعمة زائدة لتوفر النظر عليه لا يستدل على أنه يجوز الحاق الضرر العظيم به بتفويت النعمة الأصلية لمعنى النظر له فاما الآيات فقيل المراد بالسفيه الصغير أو المجنون لان السفه عبارة عن الخفة وذلك بانعدام العقل ونقصانه وعليه يحمل قوله تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أي صبيا أو مجنونا وكذلك قوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم أما أن يكون المراد الصبيان أو المجانين بدليل انه لا يثبت ولاية الولي عليه ومن يوجب الحجر على السفيه يقول إن ولاية الولي تزول عنه بالبلوغ عن عقل على ما بينه أو المراد نهى الأزواج عن دفع المال إلى النساء وجعل التصرف إليهن كما كانت العرب تفعله (ألا ترى) أنه قال وأموالكم وذلك يتناول أموال المخاطبين بهذا النهى لا أموال السفهاء وحديث حبان بن منقذ دليلنا ذكر أبو يوسف رحمه الله في الأماني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحجر عليه وعلى الرواية الأخرى أطلق عنه الحجر لقوله لا أصبر عن البيع ومن يجعل السفه موجبا للحجر لا يقول يطلق عنه الحجر بهذا القول فعرفنا أن ذلك لم يكن حجرا لازما وحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه دليلنا أيضا لان عثمان رضي الله عنه امتنع من الحجر عليه مع سؤال علي رضي الله عنه وأكثر ما فيه أنه لم يكن في التصرف غبن ذلك حين رغب الزبير رضي الله عنه في الشركة ولكن المبذر وان تصرف تصرفا واحدا على وجه لا غبن فيه فإنه يحجر عليه عند من يرى الحجر فلما لم يحجر عليه دل ان ذلك على سبيل التخويف وحديث عائشة رضي الله عنها دليلنا فإنه لما بلغها قول أبن الزبير حلفت أن لا يكلم ابن الزبير أبدا فإن كان الحجر حكما شرعيا لما استجازت هذا الحلف من نفسها مجازاة على قوله فيما هو حكم شرعي وبهذا يتبين أن الزبير إنما قال ذلك كراهة أن يفنى مالها فتبتلي بالفقر فتصير عيالا على غيرها بعد ما كان يعولها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمصير إلى هذا أولى ليكون أبعد عن نسبة السفه والتبذير إلى الصحابة رضي الله عنهم فان بلغ خمسا وعشرين سنة لم يؤنس منه الرشد دفع المال إليه في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لم يدفع المال إليه ما لم يؤنس منه الرشد لقوله تعال فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم فهذه آية محكمة لم ينسخها شئ فلا يجوز دفع المال إليه قبل إيناس الرشد منه (ألا ترى) أن عند البلوغ إذا لم يؤنس منه الرشد لا يدفع المال إليه بهذه الآية فكذلك إذا بلغ خمسا وعشرين لان السفه يستحكم بمطاولة المدة ولان
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156