المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٧٢
ثم لا يمنع من أداء ما لزمه شرعا ويعطى ما يحتاج إليه كالزاد والراحلة لان ذلك من أصول حوائجه وان أراد عمرة واحدة لم يمنع منها أيضا استحسانا وفى القياس لا يعطى نفقة السفر لذلك لأن العمرة عندنا تطوع كما لو أراد الخروج للحج تطوعا بعد ما حج حجة الاسلام ولكنه استحسن لاختلاف العلماء في فريضة العمرة وتعارض الاخبار في ذلك ولظاهر قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فهذا منه أخذ بالاحتياط في أمر الدين وهو من جملة النظر له ليس من التبذير في شئ وان أراد أن يقرن عمرة وحجا وسوق بدنة لم يمنع من ذلك لان القران فضل عندنا وإذا لم يكن هو ممنوعا من انشاء سفر لأداء كل واحد من النسكين فلأن لا يمنع من الجمع بينهما في سفر أولى ثم القارن يلزمه هدى ويجزيه فيه الشاة عندنا ولكن البدنة فيه أفضل وقد اختلف العملاء من السلف في ذلك فكان أبن عمر رضي الله عنه يقول لا يجزيه الا بقرة أو جزور فهو حين ساق البدنة قد قصد به التحرز عن موضع الخلاف وأخذ بالاحتياط في أمر الدين وأراد أن يكون فعله أقرب إلى موافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن في سوق البدنة من معنى الفساد شئ فان أراد الخروج لأداء ذلك نظر الحاكم إلى ثقة من يريد الخروج إلى مكة فيدفع إليه ما يكفي المحجور عليه للكراء والنفقة والهدى فيلي ذلك الرجل النفقة عليه وما أراد من الهدى وغيره بأمر المحجور عليه ولا يدفع إلى المحجور عليه شيئا من ذلك المال مخافة أن يتلفه في شهوات نفسه ثم يقول ضاع منى فأعطوني مثله وهذا لأنه في حالة الحضر كان ماله في يد وليه ينفق عليه منه بحسب حاجته وإذا ولاه القاضي ذلك كان هو بمنزلة وليه في الهدى ولا بد من اعتبار أمره ونيته لمعنى القربة فاما أن يباشره الولي بأمره أن يدفع إليه ليباشر بحضرته ما يحق عليه مباشرته فان اصطاد في احرامه صيد أو حلق رأسه من أذى أو صنع شيئا يجب فيه الصوم أمره بان يصوم لذلك ولم يعط من ماله لما صنع شيئا لان وجوب هذا بسبب من جهته وأصل ذلك السبب جناية فلا يستحق باعتبار النظر فيؤمر بالصوم لذلك حتى يكون ذلك زجرا عن السفه فان رأى الحاكم أن يأمر الرجل ان ابتلى بأذى في رأسه أو أصابه وجع احتاج فيه إلى لبس قميص أو غير ذلك أن يذبح عنه أو يتصدق لم يكن بهذا بأس لأنه هذا من النظر له عند حاجته ولهذا جوز الشرع ذلك للمضطر فلا بأس بأن ينظر القاضي له في ذلك فيأمره بالأداء من ماله عند حاجته ولكن لا يفعله الوكيل الا بأمر المحجور عليه لمعنى القربة فيه فان الولاية الثابتة عليه لوليه لم تكن باختياره والعبادة
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156