المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٦٨
هناك تجب عليه السعاية في قيمته وهنا لا تجب الا بعد صحة التدبير في مال مملوك له يستخدمه ولا يمكن ايجاب نقصان التدبير عليه لأنه لما بقي على ملكه والمولى لا يستوجب على مملوكه دينا تعذر ايجاب النقصان عليه (ألا ترى) أنه لو دبر عبده بمال وقبله العبد كان التدبير صحيحا ولا يجب المال بخلاف ما إذا كاتبه أو أعتقه على مال فان مات المولى قبل أن يؤنس منه لرشد سعى الغلام في قيمته مدبرا لان بموت المولى عتق فكأنه أعتقه في حياته فعليه السعاية في قيمته وإنما لاقاه المعتق وهو مدبر فيسعى في قيمته مدبرا (ألا ترى) أن مصلحا لو دبر عبدا له في صحته ثم مات وعليه دين يحيط بقيمته أن على العبد أن يسعى في قيمته مدبرا لغرمائه فهذا مثله وكذا لو أعتقه بعد التدبير نفذ عتقه وعليه السعاية في قيمته لما قلنا والرابع أن وصايا الذي لم يبلغ لا تكون صحيحة والذي بلغ مفسدا إذا أوصى بوصايا فالقياس فيه كذلك أنها باطلة بمنزلة تبرعاته في حياته ولكنا نستحسن أن ما وافق الحق وما يتقرب به إلى الله تعالى وما يكون على وجه الفسق من الوصية للقرابات ولم يأت بذلك سرف ولا أمر يستقبحه المسلمون أنه ينفذ ذلك كله من ثلث ماله لان الحجر عليه لمعنى النظر له حتى لا يتلف ماله فيبتلى بالفقر الذي هو الموت الأحمر وهذا المعنى لا يوجد في وصاياه لان أوان وجوبها بعد موته وبعدما وقع الاستغناء عن المال في أمر دنياه فإذا حصلت وصاياه على وجه يكون فيه نظر منه لامر اضربه أو لاكتساب الثناء الحسن بعد موته لنفسه وجب تنفيذه لان النظر له في تنفيذ هذه الوصايا والتدبير من هذه الجملة فيعتق به بعد الموت لهذا وكان ينبغي أن لا يجب على المدبر السعاية ولكنه أوجب السعاية لما فيه من معنى ابطال المالية فكلام أبى يوسف يتضح في هذا الفصل ثم العلماء رحمهم الله اختلفوا في وصية الذي لم يبلغ فأهل المدينة رحمهم الله يجوزون من وصاياه ما وافق الحق وبه أخذ الشافعي رحمه الله على ما سنبينه في كتاب الوصايا وقد جاءت فيه الآثار حتى روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجاز وصية غلام يفاع وفى رواية يافع وهو المراهق وأن شريحا رحمه الله سئل عن وصية غلام لم يبلغ قال إن أصاب الوصية فهو جائز وهكذا نقل عن الشعبي رحمه الله فحال هذا الذي بلغ وصار مخاطبا بالاحكام أقوى من حال الذي لم يبلغ فاختلاف العلماء في وصية الذي لم يبلغ يكون اتفاقا منهم في وصية السفيه أنه إذا وافق الحق وجب تنفيذه فهذا وجه آخر للاستحسان ثم الحاصل أن السفه لا يجعل كالهزل في جميع التصرفات ولا كالصبا ولا كالمرض ولكن الحجر به لمعنى النظر له فالمعتبر فيه توفر النظر عليه وبحثه يلحق ببعض هذه الأصول
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156