المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٧٨
ما هدده به عاجلا وقد انعدم ذلك حين بعد عنه ولا يدرى أيقدر عليه بعد ذلك أو لا يقدر وبهذا الفصل تبين أنه لا عذر لأعوان الظلمة في أخذ الأموال من الناس فان الظالم يبعث عاملا إلى موضع ليأخذ مالا فيتعلل العامل بأمره وانه يخاف العقوبة من جهته إن لم يفعل وليس ذلك بعذر له إلا أن يكون بمحضر من الآمر فاما بعد ما بعد من الظالم فلا إلا أن يكون رسول الآمر معه على أن يرده عليه إن لم يفعل فيكون هذا بمنزلة الذي كان حاضرا عنده لان كونه تحت يد رسوله ككونه يده ويتمكن الرسول من رده إليه ليعاقبه بتحقق الالجاء ولو لم يفعل ذلك حتى قتله كان في سعة إن شاء الله لأنه تحرز عما هو من مظالم العباد وذلك عزيمة (ألا ترى) أن للمضطر أن يأخذ طعام صاحبه بقدر ما تندفع عنه الضرورة به ولو لم يأخذه حتى تلف لم يكن مؤاخذا به فهذا مثله ولو كان المكره هدده بالحبس أو القيد لم يسعه الاقدام على ذلك لان الالجاء والضرورة بهذا التهديد لا يتحقق ولو أكره رجلا على قتل أبيه أو أخيه بوعيد قتل فقتله فقد بينا حكم المسألة أن الفعل يصير منسوبا إلى المكره فيما هو من أحكام القتل فكأنه هو المباشر بيده وعلى هذا الحرف ينبنى ما بعده من المسائل حتى قالوا لو أن لصين أكرها رجلا بوعيد تلف على أن يقطع يد رجل عمدا كان ذلك كقطعهما بأيديهما فعليهما أرش اليد في مالهما في سنتين ولا قود عليهما لان اليدين لا يقطعان بيد واحدة وان مات فيهما فعلى المكرهين القود لان القطع إذا اتصلت به السراية كان قتل من أصله ولو باشرا قتله لزمهما القود ولو كان الآمر واحدا والمأمور اثنين كان على الآمر القصاص في اليد ان عاش وفى البدن ان مات من ذلك لان الفعل منسوب إلى المكره وهو واحد لو باشر قطع يده أو قتله يجب القود عليه فكذلك إذا أكرهه على ذلك رجلان والله أعلم بالصواب (باب الاكراه على دفع المال وآخذه) (قال رحمه الله) ولو أن لصا أكره رجلا بوعيد تلف حتى أعطى رجلا ماله وأكره الآخر بمثل ذلك حتى قبضه منه ودفعه فهلك المال عنده فالضمان على الذي أكرههما دون القابض لان الدافع والقابض كل واحد منهما ملجأ من جهة المكره فيصير الفعل في الدفع والقبض منسوبا إلى المكره والقابض مكره على قبضه بوعيد تلف فلا يبقى في جانبه فعل موجب للضمان عليه ولأنه قبضه ليرده على صاحبه إذا تمكن منه ومثل هذا القبض لا يوجب
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156