المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٧٣
باشر القتل والدليل عليه ان المقصود بالقتل إذا قدر على قتل المكره كان له أن يقتله كما لو كان طائعا وبه نعلل فنقول كل حكم يتعلق بالقتل فإنه لا يسقط عن المكره بالاكراه كالاثم والتفسيق ورد الشهادة وإباحة قتله للمقصود بالقتل بل أولى لان تأثير الضرورة في اسقاط الاثم دون الحكم حتى أن من أصابته مخمصة يباح له تناول مال الغير ويكون ضامنا ثم هنا لا يسقط اثم الفعل عن المكره فلأن لا يسقط عنه حكم القتل أولى ولما جعل هذه نظير الاكراه بالحبس في اثم الفعل فكذلك في حكمه ولا يقال إنما يأثم أثم سوء الاختيار أو اثم جعل المخلوق في معصية الخالق لأنه مكره على هذا كله كما هو مكره على القتل والشافعي يستدل بهذا أيضا إلا أنه يوجب القود على المكره أيضا للسبب القوى لان القصد إلى القتل بهذا الطريق ظاهر من المتخيرين والقصاص مشروع بطريق الزجر فيقام السبب القوى مقام المباشرة في حق المكره لتغليظ أمر الدم وتحقيق معنى الزجر كما قال في شهود القصاص يلزمهم القود قال وعلى أصلكم حد قطاع الطريق يجب على الردى بالسبب القوى والدليل عليه ان الجماعة يقتلون بالواحد قصاصا لتحقيق معنى الزجر ومن أوجب القود على الممسك يستدل بها أيضا فنقول الممسك قاصدا إلى قتله مسبب له فإذا كان التسبب يقام مقام المباشرة في أخذ بدل الدم وهو الدية يعنى حافر البئر في الطريق فكذلك في حكم القصاص إلا أن المتسبب إذا قصد شخصا بعينه يكون عامدا فليزمه القود وإذا لم يقصد بتسببه شخصا بعينه فهو بمنزلة المخطئ فتلزمه الدية وللشافعي رحمه لله طريق آخر ان المكره مع المكره بمنزلة الشريكين في القتل لان القصد وجد من المكره وما هو المقصود به وهو الانتقام يحصل له والمباشرة وجدت من المكره فكان بمنزلة الشريكين ثم وجب القود على أحدهما وهو المكره فكذلك على الآخر والدليل على أنهما كشريكين أنهما مشتركان في اثم الفعل وان المقصود بالقتل ان يقتلهما جميعا وحجة أبي حنيفة ومحمد أن المكره ملجأ إلى هذا الفعل والالجاء بأبلغ الجهات ويجعل الملجأ آلة للملجئ فلا يصلح أن يكون آلة له كما في اتلاف المال فان الضمان يجب على المكره ويصير المكره آلة له حتى لا يكون عليه شئ من حكم الاتلاف ومعلوم أن المباشر والمتسبب إذا اجتمعا في الاتلاف فالضمان على المباشر دون المتسبب ولما وجب ضمان المال على المكره علم أن الاتلاف منسوب إلى المكره ولا طريق للنسبة إليه سوى جعل المكره آلة للمكره فكذلك في القتل لان المكره يصلح أن يكون آلة للمكره فيه بأن يأخذ بيده
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156