المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٦٦
الله صلى الله عليه وسلم أن يتولى بيع ماله لينال ماله بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير فيه وفاء بديونه وهذا لان عندهما يأمر القاضي المديون ببيع ماله أولا فإذا امتنع فحينئذ يبيع ماله ولا يظن بمعاذ رضي الله عنه أنه كان يأبى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ببيع ماله حتى يحتج ببيعه عليه بغير رضاه فإنه كان سمحا جوادا لا يمنع أحدا شيئا ولأجله ركبته الديون فكيف يمتنع من قضاء دينه بماله بعد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشهور في حديث أسيفع رضي الله عنه ان عمر رضي الله عنه قال إني قاسم ماله بين غرمائه فيحمل على أنه كان ماله من جنس الدين وان ثبت البيع فإنما كان ذلك برضاه (ألا ترى) ان عندهما القاضي لا يبيعه إلا عند طلب الغرماء ولم ينقل أن الغرماء طالبوه بذلك وإنما المنقول إنه ابتدأهم بذلك وأمرهم ان يفدوا اليه فدل انه كان ذلك برضاه ثم قد تم الكتاب على قول أبي حنيفة رحمه الله وإنما التفريع بعد هذا على قول من يرى الحجر فنقول بين من يرى الحجر بسبب السفه اختلاف في صفة الحجر فعلى قول الشافعي رحمه الله الحجر به بمنزلة الحجر بسبب الرق حتى لا ينفذ بعد الحجر شئ من تصرفاته سوى الطلاق لان السفه لا يزيل الخطاب ولا يخرجه من أن يكون أهلا لالتزام العقوبة باللسان باكتساب سببها أو بالاقرار بها بمنزلة الرق فكما أن بعد الرق لا ينفذ شئ من تصرفاته سوى الطلاق فكذلك بعد الحجر بسبب السفه وأبو يوسف ومحمد قالا المحجور عليه بسبب السفه في التصرفات كالهازل يخرج كلامه على غير نهج كلام العقلاء لقصده اللعب به دون ما وضع الكلام له لا لنقصان في عقله فكذلك السفيه يخرج كلامه في التصرفات على غير نهج كلام العقلاء لاتباع الهوى ومكابرة العقل لا لنقصان في عقله وكل تصرف لا يؤثر فيه الهزل كالنكاح والطلاق والعتاق لا يؤثر فيه السفه ولا يجوز أن يجعل هذا نظير الحجر بسبب الرق لان ذلك الحجر لحق الغير في المحل الذي يلاقيه تصرفه حتى فيما لا حق للغير فيه يكون تصرفه نافذا وهنا لا حق لاحد في المحل الذي يلاقيه تصرفه ثم على مذهبهما القاضي ينظر فيما باع واشترى هذا السفيه فان رأى اجازته أجازه وكان جائزا لانعدام الحجر قبل القضاء عند أبي يوسف رحمه الله ولإجازة القاضي عند محمد رحمه الله فان حاله لا يكون دون حال الذي لم يبلغ إذا كان عاقلا وهناك إذا باع واشترى وأجازه القاضي جاز وهذا لان الحجر عليه لمعنى النظر وربما يكون النظر له في إجازة هذا التصرف فلهذا نفذ بإجازة القاضي سواء باشره السفيه أو الصبي العاقل قال وهما
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156