المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٧٠
إذا تزوج امرأة بأكثر من صداقها مثلها يلزمه من المسمى مقدار مهر مثلها فإذا طلقها قبل الدخول وجب لها نصف المهر في ماله لان التسمية صحيحة في مقدار مهر المثل وتنصف المفروض بالطلاق قبل الدخول حكم ثابت بالنص وكذلك لو تزوج أربع نسوة أو تزوج كل يوم واحدة ثم طلقها وبهذا يحتج أبو حنيفة رحمه الله أنه لا فائدة في الحجر عليه لأنه لا ينسد باب التلاف المال عليه وانه يتلف ماله بهذا الطريق إذا عجز عن اتلافه بطريق البيع والهبة وهو يكتسب المحمدة في البر والاحسان والمذمة في التزويج والطلاق قال عليه الصلاة والسلام لعن الله كل ذواق مطلاق ولو حلف بالله أو نذر نذورا من هدى أو صدقة لم ينفذ له القاضي شيئا من ذلك ولم يدعه يكفر أيمانه بذلك لأنه حجره عن التصرف في ماله فيما يرجع إلى الاتلاف ولو لم يمنعه ذلك إذا أوجبه على نفسه لم يحصل المقصود بالحجر لأنه تيسر عليه النذر بالتصدق بجميع ماله ثم عليه أن يصوم لكل يمين حنث فيها ثلاثة أيام متتابعات وإن كان هو مالكا للمال لان يده مقصورة عن ماله فهو بمنزلة ابن السبيل المنقطع عن ماله وبمنزلة من يكون ماله دينا على انسان أو غصبا في يده وهو يأبى أن يعطيه فله أن يكفر بالصوم كذلك هنا ولو ظاهر هذا المفسد من امرأته صح ظهاره كما يصح طلاقه ويجزيه الصوم في ذلك لقصور يده عن ماله بمنزلة من كان ماله غائبا عنه * فان قيل هناك لو كان في ماله عبد لم يجز له أن يكفر بالصوم قلنا لان هناك يقدر على اعتاقه عن ظهاره وإن لم يكن في يده وهنا لا يقدر على ذلك لأنه لو أعتق عبده وجب على العبد السعاية في قيمته ومع وجوب السعاية عليه لا يجوز عتقه عن الظهار (ألا ترى) أن مريضا مصلحا لو أعتقه عبده عن ظهاره أو قتله وعليه دين مستغرق ثم مات سعى الغلام في قيمته ولم يجز عن الكفارة للسعاية التي وجبت فلهذا أوجبنا عليه صوم شهرين متتابعين في كفارة الظهار والقتل فان قيل كان ينبغي أن ينفذ اعتاقه من غير سعاية لان هذا مما يتقرب به إلى ربه ويسقط به الواجب عن ذمته فالنظر له في تنفيذه * قلنا لو فتح عليه هذا الباب لكان إذا شاء أن يعتق عبدا من عبيده وقيل له ان عتقك لا يجوز الا بالسعاية ظاهر من امرأته ثم أعتق بعد ذلك العبد أو حلف بيمين وحنث فيها ثم أعتق ذلك فيحصل له مقصوده من التبذير بهذا الطريق لأنه يصير بعد هذا العتق بمنزلة من لم يظاهر فلزجره عن هذا القصد أوجبنا السعاية على العبد إذا أعتقه وعينا عليه التكفير بالصوم فان صام المفسد أحد الشهرين ثم صار مصلحا لم يجزه الا العتق بمنزلة معسر أيسر لأنه كان معسرا ابتداء وقد وصلت يده إلى المال
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156