المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٥٨
صلى الله عليه وسلم أن يحجر عليه فقال إني لا أصبر عن البيع فقال عليه الصلاة والسلام إذا بايعت فقل لا خلابة ولى الخيار ثلاثة أيام فلو لم يكن الحجر بسبب التبذير في المال مشروعا عرفا لما سأل أهله ذلك ولما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وان عبد الله بن جعفر رضي الله عنه كان يفنى ماله في اتخاذ الضيافات حتى اشترى دار للضيافة بمائة ألف فبلغ ذلك علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقال لآتين عثمان ولأسألنه أن يحجر عليه فاهتم بذلك عبد الله رضي الله عنه وجاء إلى الزبير رضي الله عنه وأخبره بذلك فقال أشركني فيها فأشركه ثم جاء علي إلى عثمان رضي الله عنه وسأله أن يحجر عليه فقال كيف أحجر على رجل شريكه الزبير وإنما قال ذلك لان الزبير رضي الله عنه كان معروفا بالكياسة في التجارة فاستدل برغبته في الشركة على أنه لا غبن في تصرفه فهذا اتفاق منهم على جواز الحجر بسبب التبذير فان عليا رضي الله عنه سأل وعثمان رضي الله عنه اشتغل ببيان العذر واهتم لذلك عبد الله رضي الله عنه واحتال الزبير لدفع الحجر عنه بالشركة فيكون اتفاقا منهم على جواز الحجر بهذا السبب وان عائشة رضي الله عنه ا كانت تتصدق بمالها حتى روى أنها كان لها رباع فهمت ببيع رباعها لتتصدق بالثمن فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فقال لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها والمعنى فيه أنه مبذر في ماله فيكون محجورا عليه كالصبي بل أولى لان الصبي إنما يكون محجورا عليه لتوهم التبذير منه وقد تحقق التبذير والاسراف هنا فلان يكون محجورا عليه أولى وتحقيقه وهو أن للصبي ثلاثة أحوال حال عدم العقل وحال نقصان العقل بعد ما صار مميزا وحال السفه والتبذير بعد ما كمل عقله بان قارب أو أن بلوغه ثم عدم العقل ونقصانه بعد البلوغ يساوى عدم العقل ونقصانه قبل البلوغ في استحقاق الحجر به فكذلك السفه والبلوغ يساوى السفه قبل البلوغ بعد كمال العقل في استحقاق الحجر به وكان هذا الحجر بطريق النظر له لان التبذير وإن كان مذموما فهو مستحق النظر باعتبار أصل دينه (ألا ترى) ان العفو عن صاحب الكبيرة حسن في الدنيا والآخرة وذلك يكون نظرا له والدليل عليه أن في حق منع المال يجعل السفه بعد البلوغ كالسفه قبل البلوغ بالقياس على عدم العقل ونقصان العقل وكان منع المال بطريق النظر له فكذلك الحجر عليه عن التصرف لان منع المال غير مقصود لعينه بل لابقاء ملكه ولا يحصل هذا المقصود ما لم يقطع لسانه عن ماله تصرفا فإذا كان هو مطلق التصرف لا يفيد منع المال شيئا وإنما يكون فيه زيادة مؤنة وتكلف على الولي في حفظ ماله
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156