المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٥٦
قوله وانا ابن سبع سنين وقوله فحملني أبى على عاتقه لم ينقل في شئ من المشاهير فيحتمل انه كان بالغا ولم يسلمه إليه. وعندنا في مثله له أن يرجع ويحتمل انه كان صغيرا ولكن كان فوض ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهبه له ان رآه صوابا. ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام أردد أي أمسك مالك وارجع إلى رحلك. وقيل كان هذا منه بطريق الوصية بعد موته ألا ترى أنه اعتبر التسوية بين الأولاد وإنما تجب التسوية في الوصية بعد الموت فأما في الهبة في الصحة فلا ألا ترى أن أبا بكر رضى الله تعالى عنه خص عائشة بالهبة لها في صحته كما روينا والدليل عليه أن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال فرجع أبى في وصيته * وفى هذا التأويل كلام فالمذهب انه ينبغي للوالد ان يسوى بين الأولاد في العطية عند محمد رحمه الله على سبيل الإرث للذكر مثل حظ الأنثيين وعند أبي يوسف رحمه الله يسوى بين الذكور والإناث قال عليه الصلاة والسلام ساووا بين أولادكم حتى في القتل ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت الإناث والاعتماد على التأويل الأول * وذو الرحم الذي ليس بمحرم كالأجنبي في حق الهبة لان ما بينهما من القرابة لا يفترض وصلها ولهذا لا يتعلق بها استحقاق العتق وحرمة النكاح وكذلك المحرم الذي ليس برحم لأنه لا تأثير للرضاع والمصاهرة في استحقاق الصلة فكانت الهبة بينهما المقصود العوض فإذا لم ينل كان له أن يرجع فيها ان كانت قائمة لم يزدد خيرا * والموانع من الرجوع في الهبة إما أخذ العوض لان المقصود به قد تم وفى قوله ما لم يثب منها دليل على أنه لا رجوع بعد نيل العوض وأن يزداد الموهوب في ندمه خيرا فان حق الرجوع فيما تتناوله الهبة وتلك الزيادة لم تتناولها الهبة ولا يتأتى الرجوع في الأصل بدون الزيادة المتصلة وهذا بخلاف ما لو زاد في سعره لان ذلك ليس بزيادة في العين فإنه عبارة عن كثرة رغبات الناس فيه فأما العين علي حاله كما كان. ومنها أن يخرج الموهوب من ملك الموهوب له لان تبدل الملك كتبدل العين ولان حق الرجوع في الملك المستفاد في الهبة على معنى أن بالرجوع ينتهى ذلك الملك فلا يمكن اثباته في ملك آخر. ومنها ان يموت الواهب فليس لوارثه أن يرجع فيه لان التمليك بعقد الهبة لم يكن منه فلا يخلف مورثه فيما لم يكن على ملكه عند موته ومنها ان يموت الموهوب له فان الملك ينتقل من الموهوب إلى وارثه ولو أنتقل الملك في حياته إلى غيره لم يرجع الواهب فيه وكذلك بعد موته. قال (فان مات أحدهما إما الواهب أو الموهوب له قبل التسليم بطلت الهبة لان تمام الهبة بالقبض
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست