المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٤٢
أهل البصرة رحمهم الله الوقف جائز والشرط باطل لان هذا الشرط لا يؤثر في المنع من زواله والوقف يتم بذلك ولا ينعدم به معنى التأبيد في أصل الوقف فيتم الوقف بشروطه ويبقى الاستبدال شرطا فاسدا فيكون باطلا في نفسه كالمسجد إذا شرط الاستبدال به أو شرط أن يصلي فيه قوم دون قوما فالشرط باطل واتخاذ المسجد صحيح فهذا مثله. قال (ولو شرط الخيار لنفسه ثلاثة أيام في الوقف فعلى قول أبى يوسف الوقف جائز والشرط جائز كما هو مذهبه في التوسع في الوقف وقال هلال بن يحيى الوقف باطل وهو قول محمد وقال يوسف ابن خالد السمني الوقف جائز والشرط باطل لأنه إزالة ملك لا إلى مالك فيكون بمنزلة الاعتاق واشتراط الخيار في العتق باطل والعتق صحيح وكذلك في المسجد اشتراط الخيار باطل واتخاذ المسجد صحيح فكذلك في الوقف ومحمد يقول إن تمام الوقف يعتمد تمام الرضا ومع اشتراط الخيار لا يتم الرضا فيكون ذلك مبطلا للوقف بمنزلة الاكراه على الوقف * ثم تمام الوقف على مذهبه بالقبض وشرط الخيار يمنع تمام القبض ألا ترى ان في الصرف والسلم لا يتم القبض مع شرط الخيار وبه فارق المسجد فالقبض هناك ليس بشرط إنما الشرط إقامة الصلاة فيه بالجماعة وقد وجد ذلك مع شرط الخيار فلهذا كان مسجدا ثم شرطه غير معتبر في اتخاذ المسجد فلا يفسد بفساد الشرط وشرطه في الوقف مراعى وما يتعلق بالجائز من الشرط الفاسد فالفاسد من الشروط يبطله وأبو يوسف رحمه الله يقول الوقف يتعلق به اللزوم ويحتمل الفسخ ببعض الأسباب واشتراط الخيار للفسخ فيكون بمنزلة البينة في أنه يجوز اشتراط الخيار فيه وهذا في الحقيقة بناء على الأصل الذي ذكرنا له فإنه يجوز أن يستثنى الواقف الغلة لنفسه ما دام حيا فكذلك يجوز أن يشترط الخيار لنفسه ثلاثة أيام لتروى النظر فيه. قال (فان خرب ما حول المسجد واستغنى الناس عن الصلاة فيه فعلى قول أبى يوسف رحمه الله لا يعود إلى ملك الثاني ولكنه مسجد كما كان وعند محمد رحمه الله يعود إلى ملك الثاني والى ملك وارثه وإن كان ميتا) لأنه جعل هذا الجزء من ملكه مصروفا إلى قربة بعينها فإذا انقطع ذلك عاد إلى ملكه كالمحصر إذا بعث بالهدى ثم زال الاحصار فأدرك الحج كان له أن يصنع بهديه ما شاء * قال (ولو اشترى حصر المسجد أو حشيشا فوقع الاستغناء عنه كان له أن يضع به ما شاء وأبو يوسف رحمه الله يقول إذا تم زوال العين عن ملكه وصار خالصا لله تعالى فلا يعود إلى ملكه بحال) كما لو أتق عبده وهذا لان القربة التي قصدها لم تنعدم بخراب ما حولها فان
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست