المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٨
فكذلك في الصدقة الموقوفة وان استحق بعضه مميزا بعينه كان ما فعله جائزا فيما بقي ماضيا لوجهه لان بهذا الاستحقاق لم يتبين الشيوع فيما بقي فان المستحق مميز مما بقي فهو بمنزلة دارين وقفهما فاستحقت إحداهما وكذلك الحكم في الصدقة المنفذة إذا كان المستحق مميزا يقرر الصدقة فيما بقي وكذلك الحكم في الهبة بخلاف ما إذا استحق جزأ شائعا ولا فرق عند استحقاق الجزء الشائع بين أن يكون المستحق كثيرا أولم يكن لان المانع الشيوع وقد تحقق ذلك باستحقاق جزء قل ذلك أو كثر. قال (وإذا كانت الأرض بين رجلين فتصدقا بها صدقة موقوفة على بعض الوجوه التي وصفناها ودفعاها إلى ولي يقوم بها كان ذلك جائزا) لان مثله في الصدقة المنفذة جائز إذا تصدق رجلان على واحد والمعنى فيه أن المانع من تمام الصدقة شيوع في المحل ولا شيوع هنا فقد صار الكل صدقة مع كثرة المتصدقين بها والقبض للمتولى في الكل وجد جملة واحدة فهو وما لو تصدق رجل واحد سواء ولو تصدق كل واحد منهما بنصفها شائعا على حدة صدقة موقوفة وجعل لها واليا على حدة لم يجز لأنهما صدقتان متفرقتان لان كل واحد منهما تصدق بنصيبه بعقد على حدة ألا ترى أنه جعل لنصيبه واليا علي حدة ومثله في الصدقة المنفذة لا يجوز حتى لو تصدق أحدهما بنصفها مشاعا على رجل وسلم ثم تصدق الآخر بالنصف عليه وسلم لم يجز شئ من ذلك وهذا لان قبضه في نصيب كل واحد منهما لاقى جزأ شائعا فكذلك قبض كل واحد من الواليين هنا لاقى جزأ شائعا. قال (ولو تصدق كل واحد منهما بنصفه صدقة موقوفة على المساكين وجعلا الوالي لذلك رجلا واحدا فسلماها إليه جميعا جاز) لان تمام الصدقة بالقبض والقبض مجتمع فقد حصل قبض الكل من واحد في محل عين والدليل على أن المعتبر هو القبض في الهبة والصدقة المنفذة أنه لو باشر ذلك مع رجل في النصف ثم في النصف ثم سلم الكل إليه جاز ولو باشره في الكل ثم سلم إليه النصف لم يجز وكذلك أن جعلاها جميعا إلى رجلين لان الواليين هنا كوال واحد حيث جعلهما كل واحد منهما والباقي صدقة بخلاف ما تقدم هناك من أن كل واحد من المتصدقين خص واحدا من الواليين فجعله واليا في صدقته فإنما يلاقى قبض كل واحد منهما جزأ شائعا ألا ترى أن في الرهن لو أن رجلين رهنا عينا من رجلين بدين لهما عليهما جاز ولو قال على أن نصيب أحد الراهنين رهن عند أحدهما ونصيب الآخر عند الآخر لم يجز وكذلك في الهبة والصدقة المنفذة ولو وهبا من رجلين أو تصدقا عليهما جاز عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست