المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٣١
عن صخر بن جويرة عن نافع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت له أرض تدعى ثمغا وكان نخلا نفيسا فقال عمر رضى الله تعالى عنه يا رسول الله انى استفدت مالا وهو عندي نفيس أفأتصدق به فقال صلوات الله وسلامه عليه تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن لينفق من ثمره. فتصدق به عمر رضي الله عنه في سبيل الله تعالى وفى الرقاب والضيف والمساكين وأين السبيل ولذي القربى منه ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يؤكل صديقا له غير متمول منه. وهذه الأرض سهم عمر رضي الله عنه بخيبر حين قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بين أصحابه رضي الله عنهم وثمغ لقب لها. وقد كانت لاملاكهم ألقاب حتى كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة يقال لها العضباء وبغلة يقال لها دلدل وفرس يقال له السكب وحمار يقال له يعفور وعمامة تسمى السحابة * ثم في هذا دليل أن من قصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فينبغي أن يختار لذلك أنفس أمواله وأطيبها قال الله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وقال الله سبحانه وتعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون فلهذا اختار عمر رضي الله عنه أنفس أمواله وأطيبها لما أراد التصدق. وفيه دليل على أن من أراد التقرب إلى الله تعالى فالأولى ان يقدم السؤال عن ذلك وان الربا لا يدخل في هذا السؤال بخلاف ما يقوله جهال المتقشفة. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقف بقوله تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث فهو من حجة من يقول بلزوم الوقف وقد روى عن علي رضي الله عنه انه وقف كما فعله عمر رضي الله عنه ولكن لم يستثن للوالي شيئا وفيه دليل على أن كل ذلك واسع ان استثنى للوالي ان يأكل بالمعروف كما فعله عمر رضي الله عنه وهو صواب وإن لم يستثن ذلك كما فعله علي رضي الله عنه فهو صواب أيضا وللوالي ان يأكل منه بالمعروف مقدار حاجته كما أن للامام فعل ذلك في بيت المال ولوصي اليتيم ذلك في مال اليتيم إذا عمل له قال الله تعالى ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ولكن لا يكون له أن يؤكل غيره ممن ليس في عياله الا إذا شرط الواقف ذلك كما فعله عمر رضي الله عنه أو يؤكل صديقا له (وقوله) غير متمول منه يعنى يكتفى بما يأكل ولا يكتسب به المال بالبيع لنفسه وهو نظير الغازي في طعام الغنيمة يباح له أن يتناول بقدر حاجته ولا يتمول ذلك بالبيع والاقراض من غيره وفيه دليل محمد رحمه الله ان الوقف لا يتم الا بالتسليم إلى المتولي. وفى قوله لا جناح على من وليه إشارة إلى ذلك وقد روى أنه جعل وقفه في يد ابنته حفصة رضى الله تعالى عنهما قال محمد رحمه الله ولهذا يأخذ إذا (3 ثاني عشر مبسوط)
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست