المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠
صلى الله عليه وسلم وهب فدك لها وأقامت رجلا وامرأة فقال أبو بكر رضى الله تعالى عنه ضمي إلى الرجل رجلا أو إلى المرأة امرأة فلما لم تجد ذلك جعلت تقول من يرثك فقال أبو بكر رضى الله تعالى عنه أولادي فقالت فاطمة رضي الله تعالى عنها أيرثك أولادك ولا أرث أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فعرفنا أن المراد بيان ان ما تركه يكون صدقة ولا يكون ميراثا عنه. وقد وقعت الفتنة بين الناس بسبب ذلك فترك الاشتغال به أسلم والمعنى فيه أن العين الموقوفة فيه كانت مملوكة قبل الوقف وبقيت بعده مملوكة والمملوك بغير مالك لا يكون فمن ضرورة بقائها مملوكة أن يكون هو المالك أو غيره ولم تصر مملوكة لغيره فكانت باقية على ملكه والوارث يخلف المورث في ملكه. وبيان قولنا انها بقيت مملوكة انه ينتفع بها على وجه الانتفاع بالمملوكات من حيث السكنى والزراعة وسائر وجوه الانتفاعات ولأنها خلقت مملوكة في الأصل وقد تقرر ذلك بتمام الاحراز فلا يتصور اخراجها عن أن تكون مملوكة إلا أن يجعلها لله تعالي خالصا وبالوقف لا يتحقق ذلك. وفى هذه التسمية ما يدل علي انها مملوكة محبوسة وبه فارق العتق فالآدمي خلق في الأصل ليكون مالكا فصفة المملوكية فيه عارض محتمل للرفع وإذا رفع كان مالكا كما كان. ومن ضرورة اثبات قوة المالكية انعدام المملوكية وبخلاف المسجد فان تلك البقعة تخرج من أن تكون مملوكة وتصير لله تعالى ألا ترى أنه لا ينتفع بها بشئ من منافع الملك وان كانت تصلح لذلك وقد وجدنا لهذا الطريق أصلا في الشرع وهو الكعبة فتلك البقعة لله تعالى خالصة متحرزة عن ملك العباد فألحقنا سائر المساجد بها ولم نجد مثل ذلك في الوقف بل الوقف بمنزلة تسبيب أهل الجاهلية من حيث إنه لا تخرج به العين من أن تكون مملوكة منتفعا بها ولو سبب دابته لم تخرج من ملكه فكذلك إذا وقف أرضه أو داره وإذا بقيت مملوكة له لا يمتنع الإرث فيها الا باعتبار حق يستثنيه لنفسه بعد وفاته وذلك فيما إذا أضاف الوقف إلى ما بعد الموت فإنه تبقى العين على حكم ملكه لشغله إياه بحاجته والناس لم يأخذوا قول أبي حنيفة في المسألة الا باشتهار الآثار فأما من حيث المعنى كلامه قوى وهو يحمل الآثار على الوقف المضاف إلى ما بعد الموت أو المنفعة في الحياة وبعد الموت، قال رحمه الله تعالى قد تم الكتاب على قول أبي حنيفة رضى الله تعالى عنه وإنما البيان بعد هذا على قولهما * ثم بدأ الكتاب بحديث رواه
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست