المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٤٦
لكل واحدة منهن كل سنة شيئا معلوما في حياة فلان وبعد وفاته ما لم يتزوجن فهو جائز) وعلى هذا أصل أبى يوسف ظاهر وقد بينا ان عنده لو شرط بعض الغلة لنفسه في حيائه جاز فلأمهات أولاده أولى وإنما الاشكال علي قول محمد رحمه الله فإنه لا يجوز أن يشترط ذلك لنفسه واشتراطه لأمهات أولاده في حياته بمنزلة الاشتراط لنفسه ولكنه جوز ذلك استحسانا للعرف ولأنه لا بد من تصحيح هذا الشرط لهن لأنهن يعتقن بموته واشتراطه لهن كاشتراطه لسائر الأجانب فيجوز ذلك في حياته أيضا تبعا لما بعد الوفاة كما قال أبو حنيفة وأصل الوقف إذا قال في حياتي وبعد مماتي مما يتعلق به اللزوم وكذلك أن سمى في ذلك لمدبريه لأنهم يعتقون بموته كأمهات الأولاد بخلاف العبيد والإماء على قول محمد. وأبو يوسف يجوز ذلك كله وإنما يشترط ما لم يتزوجن لان مقصوده توفير المنفعة عليهن ما دمن في بيته مشغولات بخدمة أولاده وذلك ينعدم بالتزوج. أو مقصوده من ذلك التحرز عن ضياعهن لعجزهن عن التكسب ويختص ذلك بما قبل التزوج فمن تزوجت منهن تستحق النفعة على زوجها فلهذا قال ما لم يتزوجن. قال (فان جعل الرأي في توزيع الغلة على الفقراء أو القرابة في الزيادة والنقصان إلى القيم جاز ذلك) لان رأى القيم قائم مقام رأيه وكان له في ذلك التفضيل عند الوقف رأيا فيجوز أن يشترط ذلك في القيم بعده وهذا لان المصارف تتفاوت في الحاجة باختلاف الأوقات والأمكنة فمقصوده أن تكون الغلة مصروفة إلى المحتاجين في كل وقت وإنما يتحقق ذلك بالزيادة والنقصان بحسب حاجتهم والصرف إلى البعض دون البعض إذا استغنى البعض عنه فلهذا جوز له أن يجعل الرأي في ذلك إلى القيم * وان كتب لأمهات أولاده وجواريه اللاتي جعلن حرائر بعد موته كتابا أنه تصدق عليهن في حياته وجعل لهن بعد وفاته سكنى منازل وسماهن وبين حدودها ومواضعها تسكن كل امرأة منهن من ذلك بقدر ما يكفيها ما عاشت وأي امرأة منهن تزوجت أو خرجت منتقلة إلى غير هذا المنازل فلا حق لها في السكنى ونصيبها مردود علي من بقيت منهن فذلك جائز اعتبار للسكنى بالغلة فان الغلة تدل علي المنفعة وإذا صح منه هذا الشرط لهن في الغلة فكذلك في المنفعة وهذا لان مقصوده اتصال حاجتهن إليهن لكيلا يضعن بعده وربما تكون حاجتهن إلى السكنى دون الغلة وقد أعطاهن في حياته من المال ما يكفيهن وإنما وضع هذه المسائل في أمهات الأولاد لان الحكم في الزوجات الحرائر بخلافه لان الزوجات يرجعن إلى قراباتهن ولا قرابة لأمهات الأولاد في دار الاسلام فلهذا ذكر المسائل فيهن. قال
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست