المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٢٧
الا مؤجلا ولم يبين في الكتاب أدنى الاجل في السلم وذكر أحمد بن أبي عمران من أصحابنا رحمهم الله تعالى أن أدنى الاجل فيه ثلاثة أيام اعتبار للأجل بالخيار الذي ورد الشرع فيه بالتقدير بثلاثة أيام وكان أبو بكر الرازي يقول أدنى الاجل فيه أن يكون أكثر من نصف يوم لان المعجل ما كان مقبوضا في المجلس والمؤجل ما يتأخر قبضه عن المجلس ولا يبقى المجلس بينهما في العادة أكثر من نصف يوم ومن مشايخنا رحمهم الله تعالى من قال أدنى الاجل شهرا استدلالا بمسألة كتاب الايمان إذا حلف المدين ليقضين دينه عاجلا فقضاه قبل تمام الشهر بر في يمينه فإذا كان ما دون الشهر في حكم العاجل كان الشهر فما فوقه في حكم الآجل فاما تعجيل رأس المال فنقول إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير يكون التعجيل فيه شرطا قياسا واستحسانا لان الدارهم والدنانير لا يتعينان في العقود فيكون هذا بيع الدين الدين وذلك لا يجوز لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ يعنى النسيئة بالنسيئة فاما إذا كان رأس المال عروضا هل يكون التعجيل شرطا القياس أن لا يكون شرطا وفى الاستحسان يكون شرطا وجه القياس ان العروض سلعة تتعين في العقود بخلاف الدراهم فلو لم يشترط التعجيل لا يؤدي إلى بيع الدين بالدين وجه الاستحسان ان السلم أخذ عاجل بآجل والمسلم فيه آجل فوجب أن يكون رأس المال عاجلا ليكون حكمه ثابتا على ما يقتضه الاسم لغة كالصرف والحوالة والكفالة فان هذه العقود تثبت أحكامها بمقتضيات أساميها لغة ومن علماؤنا رحمهم الله تعالى من عبر وقال شرط جواز السلم اعلام قدر رأس المال وتعجيله واعلام المسلم فيه وتأجيله وبعضهم عبر بعبارة أخرى شرط جواز السلم أن يكون المسلم فيه مضبوط الوصف معلوم القدر موجودا من وقت العقد إلى وقت التسليم فاما بيان ما كان الايفاء فيما له حمل ومؤنة من شرائط جواز السلم في قول أبي حنيفة الآخر وكأن يقول أولا ليس بشرط ولكن ان بين مكانا ان تعين ذلك المكان للايفاء وإن لم يبين يتعين موضع العقد للايفاء وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وحجتهما في ذلك أن موضع العقد موضع الالتزام فيتعين لايفاء ما التزمه في ذمته كموضع الاستقراض والاستهلاك وهذا لان المسلم فيه دين ومحله الذمة فإنما يصير مملوكا لرب السلم في ذلك المكان والتسليم إنما يجب في الموضع الذي ثبت الملك له فيه ألا ترى أن من باع حنطة بعينها بالسواد يجب تسليمها موضع الحنطة لأنه ملكها في ذلك الموضع ولان أحد البدلين وهو رأس المال يجب (9 ثاني عشر مبسوط)
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست